samedi 30 janvier 2016



     
               القاص المغربي حسن البقالي:  
               المصدر : (القاهرة - إبراهيم حمزة:)
        



أصدر الكاتب المغربي حسن البقالي عملين إبداعيين في إحدى دور النشر المصرية هما:الرقص تحت المطرثم مثل فيل يبدو من بعيدوقد كتب كلمة الغلاف لإحداهما الدكتور عبدالغفار مكاوي، مؤكدا أنها مجموعة رائعة تختلف عن تلك التي تنهمر على رؤوسنا كل يوم.
أصدر البقالي من قبل مجموعات قصصية منهاالإقامة في علبةوقتل القط وسبعة أجراس لزمن البرتقال فضلاً عن رواية وحيدة هي ماء الأعماق. يطرح البقالي مفهوماً خاصاً للقصة القصيرة جداً، وهنا حوار معه .
* ترى أن القصة القصيرة جداً شكل يتعاون الكاتب والقارئ في رسم ملامحه . . ألا يتطلب ذلك قارئا خاصا بمواصفات خاصة؟
- نظريات التلقي والتداوليات لا تتمثل كتابة إبداعية من دون قارئ فاعل . والواقع أن الأدب كرسالة تواصلية مدعاة لمزيد من الكشف والمساءلة، لما يمثله من نقطة ارتكاز تتقاطع عندها حقول متعددة، منها المعرفي والجمالي والذوقي والقيمي والوجداني . . وما يثيره من قضايا وإشكالات .
فكل قراءة للعمل الإبداعي هي بمثابة كتابة جديدة، وجلد آخر للجسد، على أساس أن يكون القارئ ملما بالحد الأدنى من شروط الكتابة ومواصفات الجنس الأدبي، كي لا تتحول العلاقة كاتب/قارئ إلى علاقة اعتباطية وتنتهي إلى الابتذال، وإن كان هذا يصح بالنسبة للأدب عموما، فهو أكثر التصاقا بالقصة القصيرة جدا كنوع خاطف، شذري، يحتاج إلى قارئ يسود البياض ويملأ ثقوب المعنى .
* عبر رحلتك الإبداعية انقطعت سنوات، وأظن أن محمد شكري انقطع عشرين عاما، هل في الجو العام المغربي ما يشجع الكتّاب على الانقطاع أم أنها مسألة شخصية؟
- انقطاع الكاتب عن الكتابة لمدة تطول أو تقصر أو بشكل نهائي قرار صعب من دون شك وغني بالإشارات، هو مفترق يتقاطع عنده الجماعي بالفردي والموضوعي بالذاتي .
فالإنسان كائن متلصص بطبعه يحب الأنشطة ذات الطابع الاستعراضي، يحتفي بنجومها وأبطالها، بينما لا يحقق الكاتب إشباعاً لهذه الحاجة الملتبسة، حتى في حالة استحالته إلى أيقونة أو رمز في ظرفية استثنائية، إلا عبر وسائط متعددة، لذلك لا يأبه به إلا القليل في دائرة محدودة إذا استقال من حرفة الكتابة، هذه الصورة تبدو أشد قتامة في وطننا العربي حيث تعرف القراءة أدنى مستوياتها، ما يسهم في ترسيخ غربة الكاتب وعزلته .
العزلة ضرورية للكاتب، لكن التقدير والاعتراف محفزان أساسيان على الاستمرار، فالكاتب نفس جائعة إلى التقدير والاعتراف بدوره ووظيفته داخل المجتمع، وكلما زادت رهافته وحساسيته زادت درجة ارتهانه السيكولوجية للشرط الثقافي والتجاذبات المحيطة، إنه يجسد البطل الإشكالي في المنظور الجولدماني للرواية: غريب عن المجتمع من دون أن يشكل قطيعة كلية معه . وحين يصل الاغتراب درجة القطيعة يحرق الكاتب مراكبه ويرتكن إلى اليومي المبتذل وفقدان المعنى والعبث أو التعويض من خلال البحث عن معنى آخر للحياة والذات، إنه انتحار رمزي . . جلد للذات والمجتمع في آن . . كافكا قرر إحراق ما كتب ورامبو استبدل الكتابة بجوب الآفاق وحياة المغامرة . . شكري توقف عن الكتابة، أمل دنقل ونجيب محفوظ . . والأمثلة كثيرة . كل توقف للاحتجاج بشكل ما، وخضوع لمنطق اليأس من جدوى الكتابة والفعل في الواقع والمحيط .
* الرواية النسائية المغربية طرحت خمسين عملاً في خمسين عاماً، كما طرحت رواية واحدة عام 2008 وأسماء المبدعات المغربيات محاصرة داخل حدودها الإقليمية، كيف تفسر هذه المسألة؟
- الحدود الإقليمية تحاصر الكاتب كما الكاتبة . وهذا يحيلنا إلى واقع توزيع الكتاب في الوطن العربي الذي يؤشر على أزمة عميقة يتداخل فيها الثقافي بالسياسي بالمجتمعي . ولو أن السياق الثقافي الحالي بمستجداته التقنوية، الشبكة العنكبوتية تحديدا، قد أزال الحواجز أمام انتشار الكتاب والعزلة الأنطولوجية للكاتب، وأسهم في رسم خريطة إبداعية مغايرة لما دأبت المؤسسات الثقافية التقليدية على إبرازه كواقع لا يعلى عليه . إن الحضور النسائي في حقل الإبداع الروائي أقل بالمقارنة مع حقلي الشعر والقصة القصيرة . فخمسون رواية في خمسين عاماً مؤشر واضح الدلالة ومنسجم في النهاية مع حصيلة الإنتاج الروائي النسائي لسنة 2009 .
* القصة القصيرة جداً جنس أدبي جميل هي لحظة تطرز على منديل يرسل في الريح بتعبيرك، مادام لديك هذا الولع بهذا الجنس الأدبي، كيف يكون التعامل مع الرواية؟
- هو توصيف شاعري لنوع أدبي يتميز بقسط كبير من الشاعرية ويقوم على تشذير العالم، إنه نوع يلائم عزلتنا المتنامية، لكنه شبيه في النهاية بمعشوقة تبيح لك أن تكشف أسرارها .







                          "فلسفة زماننا التي لا يمكن تجاوزها متضمنة في "الباك مان"،    ربما لأنه يقدم الاستعارة البيانية الأكثر اكتمالا للشرط الإنساني"
                                             كريس ماركر




تمتد المتاهة على مرمى البصر
يحدها من اليمين واليسار نفقان معتمان، يفضي أحدهما إلى الآخر، ويصب في المتاهة من جديد.. في الأطراف القصية محطات للاستراحة والانتعاش، وفي المركز تماما، قلعة منيعة هي موطن أعداء شرسين لا يغمض لهم جفن.
- المتاهة كر وفر يا" إواتاني"
قيل له، قبل أن يكون مسلحا بما يكفي من اليقظة
- و"يا قاتل يا مقتول".
يركض إواتاني عبر المسالك والشعاب.. يقتات من خشاش الأرض وثمار الأشجار.. يتحين لحظة غفلة يغفو فيها واقفا، ثم ينتفض على وقع الأقدام المتوعدة، ويستأنف الركض.. وحيدا ومطاردا ودون بيت.. يفكر أحيانا إن كانت له حياة قبل المتاهة.. حياة عادية لمواطن عادي يكدح ويحب وينام.. ويرزق بأبناء يهيئهم لأن يكدحوا ويحبوا ويناموا بدورهم، ويداري بهم عجزه..
- اركض يا إواتاني.. اركض
يركض..
يتقي هجمة مميتة من عدوه الأحمر القادم من جهة الشرق.. يمرق من طريق جانبية، فيتوه العدو عنه لفترة، لكن لا وقت لإواتاني كي يسترجع أنفاسه، فالأعداء كثر وهجماتهم وعد لا يخلف.
رأى ثمرة توت بممر بالقرب.. الأحمر ما زال يطارده، والأزرق قرأ نواياه بالتقاط الثمرة، فسارع باتجاه المنفذ الثاني للممر، بشكل أضحت معه الثمرة في حرز منيع، وأضحى التقاطها معادلا لموت محقق.
لا مجال للصدفة في تحركات الأعداء
بل "لوغاريتم" صارم يوجه خططهم، يجعلها أكثر خطورة وفعالية.. وعلى إواتاني أن يعول على حدسه في مواجهة صرامة العلم.
- اركض يا إواتاني.. اركض
لن يأكل الثمرة هذه المرة..
سيتركها تتهرأ هناك، وتتلاشى عبر المسام اللامرئية لأرض مشبعة بالمواد العضوية المترسبة من جثث القتلى السابقين. وبالكاد، تمكن من تفادي ضربة مخلب من العدو الوردي المنسل عبر النفق في حركة مباغتة. لم يكن الأصفر بعيدا أيضا. وكان على إواتاني أن يناور لتفادي الهجمة الجماعية المنظمة.. ركض غربا، وقام بحركة تمويهية باتجاه الشمال، قبل أن ينقلب على عقبيه، ويشق مسربا باتجاه الجنوب.
مر على أرض قاحلة
شعر بجفاف في الحلق وبعض الوهن.. وكأنما سمع قرقعة أسلحة عتيقة، وصرخات تتلوها أنات وجع واحتضار.. فكر في أنه يدوس الآن جماجم لمحاربين سقطوا بشرف في ساحة المعركة. "يا قاتل يا مقتول" أسر لنفسه، وانحرف جهة استراحة جانبية هي آخر ما تبقى له من استراحات.. بسرعة تلقف غذاءه المسعف، واستدار جهة الأعداء القادمين، بجسد أكثر صلابة. لمحوا –دون شك- ومض العزيمة في عينيه، وإرادة البطش، فتفككت عراهم وولوا مدبرين. وكانت الفرصة مواتية لأن يكر إواتاني عليهم في هجمة لا تبقي ولا تذر.
بقي وحيدا لبرهة قصيرة
واستبد به إحساس بالفراغ.. ثم رأى العدو الأول يغادر القلعة ويتجه رأسا إليه..فالعدو الثاني..
- اركض يا إواتاني
يركض
فقد ظفر بأعدائه في جولات عدة، لكن الحرب تبدو بلا نهاية. وها هم قادمون من جديد.. بنفس الترتيب المدروس والحافز الذي لا يفتر..
هل لديه وقت للحب؟
لأن يرى شمس الغروب في عيني الحبيبة.. يبعث إليها برسائل غامضة أقرب إلى لوحات تكعيبية، يقول لها: هذا أنا.. متشذر موجوع وغامض الملامح والنوايا.. لكني مستعد لأن أمنحك حياتي في أية لحظة..
- اركض..
ولم يكن لديه الوقت الكافي لأن يركض
أحاطوا به من كل الجهات، بسحنات موتورة، ورغبة في الفتك
الحصار شامل، ولا منفذ أو مجالا للمناورة..
أدرك أن النهاية المؤجلة قد حلت..ولم يكن به حقد أو ضغينة، فقط.. وقف في شموخ المحاربين.. قدم صدره العاري للضربات، وعلى الوجه بسمة ملغزة.
***************
تمتد المتاهة على مرمى البصر
تشرق البسمة على المسالك والشعاب والأنفاق.. تغطي المتاهة وتكشف الوجوه:
لم يكن الأعداء غيره
غير إواتاني الذي سقط


jeudi 28 janvier 2016

Africa - Angel City Chorale



                      عندما تمطر الموسيقى..تمنحك دفء اللحن و دفء الإحساس

mercredi 27 janvier 2016


أصل الأنواع





كان داروين في إحدى غابات السافانا الإفريقية يتابع بمتعة بالغة ما يجترحه رهط من القردة.
بدا كما لو أن الزعيم يجد صعوبة في إيصال رسالة إلى البقية..استعان بالوثبات والانحناءات والأصوات وحركات الوجه، وبكل ما تخوله له وجاهته الاجتماعية كزعيم أوحد من قدرة على التأثير والإقناع..
لكنه لم يصل إلى نتيجة..
.... وإذا به ينتصب واقفا بشكل عمودي مستقيم ويصيح:
- تبا لكم من قردة بليدة
لم يدرك القرد ما حصل..ولا القردة الأخرى التي شعرت كأنما الهواء دغدغ حواسها بموجات خادعة..
وحده داروين فطن إلى الكوة الهائلة التي انفتحت في جدار الكون وهو يسمع القرد يخاطب الآخرين بلغة فصيحة، وقد اكتسب هيأة بشرية وملامح هي الملامح الشخصية لداروين نفسه.
بدا الوضع في النهاية كما لو أنه ينظر إلى نفسه في مرآة الطبيعة..أو أن القرد هو من ينظر إلى نفسه.
لم يعد يعرف من القرد ومن الرجل..
أفاق متعرقا متهدج الأنفاس
وشرع في تحرير   "أصل الأنواع".









lundi 25 janvier 2016


القط الوحشي





القط الوحشي صادفته حين ضاعت رائحة التوت..
وخبّرته بالقطن المبلل بعطر كالدهشة يلف المدى
كلما نام النهار جنب سهب يلوذ السّمّان بأذرعه.
لم يكن أحد هناك
لا الشيطان ولا المطر
ولم تكن عينا مقدم الحومة الراحلتان خلف الستائر وأصص الأزهار الإصطناعية , وكذا في الطنجرة قبل النحيب الأخير.
كنا معا
أنا والقط الوحشي, ورغبة في الفتك برائحة ضاعت فجأة من تحت رموش التوت.
ولم نكن في حاجة إلى لغة من كلمات
أرسلت إليه بشهقة من وبر فتشبع بي, وحرك ذيله الضوئي ناحيتي فحدست أني سأتبعه إلى  أقصى تخوم الأرض, إلى حيث تحكي الغابة أسرارها لحلزون غطى بوحه ندى الصباح.
هناك دلو يغرف من ماء المحبة الآن أوصيت به الريح
ومسافةٌ يمارس عليها المحو
دمعة عشق انهمرت كسحابة من مواء
لعل امرأة كسيحة ومصابة بشبق التخييل تفكر اللحظة بي..ولعل القط الوحشي روحها القادرة على التجسد حين تضوع رائحة التوت
أو رائحة الموت
أولعلي نفَس الطين يعذبه الحنين إلى زمن النفخة الأولى
وأولِ اشتهاء.

لن أبرح هذا الألق النازح من لهاث النارنج أو أسلم روحي المعفرة بالضجيج قربانا لآلهة المادة
لأن الهيدروجين الساكن ذرات الماء لا يمنع أن أزهو بجمال البحيرة إذ تداعبها يد زهرة داهمتها الرغبة
وعظام الهيكل لا تحجب سحر الجسد.
امرأة من عاج
وخوختان عليهما زغب خفيف وحلمة
ونظرة "تسقط الزرزور من علٍ"
لن أبرح هذا الألق النازف من جرحي, كوشوشة الزئبق لطبيعة التكوين..
أنا الموله بانثيال الضوء على كف البتلات.
كنت وحدي, وصورةَ امرأة طاعنة في البذخ ترسل في وجهي ضحكة داعرة
وتحرضني على قتل الأشجار
بغي "أوروك" تعد لأنكيدو
 كأسا للشهوة مترعة
تسحب ظله ناحية الجدار
وأنكيدو اليوم صيغة معدلة إلى الأقسى والأفدح من حيث الجشع
عربيد "فائض" يركض على جدث الزرقة
ويهرش لحم الحلم بأزرار التقانة
رئة الأرض مقرّحة
تعلو رائحة الكبريت وينتشي الفوسفور بمغازلة الهواء
وكنت حزينا كآيل جبلي حين ضاعت في ذاكرتي رائحة التوت, والتمعت في الغلس المحيط عينان دافئتان لِطيفٍ عبَر المسافات إلي.
طيف قط حشي
مضى زمن كان فيه قريني.
فهل يبقى للضحكة الداعرة الآن ما تفرخه في جسدي
أو توحي به إلى رجل متوحد بالمساء
هل يبقى في بئر اللغة بقايا مجاز ألم به
نثار بكاء؟

21/01/2008

dimanche 24 janvier 2016

مثل فيل يبدو عن بعد(*) تأملات سردية للقاص المغربي حسن البقالي




                                                                الكاتب: عبد الجبار خمران   
أول قصة في مجموعة القاص المغربي حسن البقالي “الرقص تحت المطر” (**) تناول فيها موضوع كتابة القصة القصيرة جدا.. فعوض الخمسمائة صفحة التي وعد بها السارد ناشرا في لحظة حماسة زائدة، سيكتفي برواية من مائة صفحة، بل بقصة قصيرة من ثلاث صفحات، وفي النهاية سينحصر اهتمامه في قصة قصيرة جدا من سطر واحد، تكون كالتالي : “أخيرا كتبت قصة قصيرة”.
يشبه القاص، هنا، عملية الوصول إلى الإضمار والكثافة بما يحيل عليه عنوان القصة "دمى روسية". تلك الدمى التي تضمر كل واحدة منها أخرى. و ليس الأمر محض توظيف شكلاني داخل لعبة كتابية أو ترف تقني أو انحياز مجاني للتكثيف والتركيز والإضمار، بقدر ما هو تمثيل إبداعي دقيق لما يتحتم أنه جوهر العملية الإبداعية، و التي يرسم بورخيس جانبا من ميسمها في واحدة من مقولاته التي يعتبر فيها مسألة تأليف كتاب ضخم أو تفصيل فكرة في خمسمائة صفحة ضرب من الجنون، إن هو أمكن شرح مضمون هذا الكتاب أو هذه الفكرة في خمس دقائق. أو لا شك أن الأمر سيتعلق بانتهاك فادح لروح الإبداع - كما عبر البقالي على لسان السارد في القصة ذاتها - أن أسَود الصفحات، لا لشيء، إلا لأن الناشر ينتظر مني العمل الجديد الذي وعدت به في لحظة حماسة زائدة.
مناسبة هذا التقديم هو التدليل على أنه ليس صدفة أن تكون، أيضا، أول قصة في مجموعة البقالي القصصية "مثل فيل يبدو عن بعد" الصادرة مؤخرا في القاهرة عن مؤسسة سندباد للنشر والإعلام في 90 صفحة من القطع المتوسط، قصيرة جدا؛ مكثفة و يطمح فيها السارد إلى كتابة قصة مضغوطة إلى أقصاها.. نقطة شبيهة بفيل يبدو عن بعد. فبعد لعبة الدمى الروسية وجد الكاتب، كما المرة السابقة، قصته المشتهاة : تلك القصيرة جدا.                                           
تتميز المجموعة هذه، بانتصارها لجنس أدبي وليد.. الجنس/الطفل الذي يخطو خطواته الأولى تحت أنظار آباء متشككين، ويثغثغ في وجه العالم.. كما يعبر البقالي في مقدمة المجموعة. صاحب "الإقامة في العلبة" يعمل بجدية على تكريس إقامة "تلك القصيرة جدا" في قائمة الأجناس الأدبية. جدية مشبعة بحب أدبي و مشروع قصصي محدد وواضح المعاني والمعالم انطلاقا من اختيارات وقناعات محددة. فالكتاب يحرج أوصياء الأدب المتشككين، ويزف للقارئ القصة القصيرة جدا بمحياها الجميل وقدها الفاتن، ويفوت الفرصة على متصيدي النماذج الهزيلة والنصوص العجاف والقصص المحتضرة تحت عنوان القصيرة جدا، لتبرير رصاصة الرحمة الشامتة والكامنة في مسدسات نقدية مهترئة. المجموعة لا تترك للقارئ إلا حيزا للمسرة و الانتشاء والتأمل، والإقرار باختلاف هذا القاص واختلاف كتابته القصصية. يقول د.عبد الغفار مكاوي في كلمته على ظهر غلاف المجموعة : "وهذه المجموعة القصصية الرائعة للكاتب حسن البقالي تختلف اختلافا جوهريا عن عشرات المجموعات التي تنهمر فوق رؤوسنا كل يوم، فالواقع أنها قصص (بعدية) أي تأملات سردية في معنى القص نفسه وماهيته ووظيفته وقيمة التجارب أو اللحظات الجمالية الكامنة فيه".
وإذا كان هذا البعد التأملي في جوهر السرد وماهيته يتضح جليا في النصوص الإبداعية، فرؤية القاص نظريا تشع قسماتها من مقالته العميقة التي سطر فيها أجوبته/المرجعية على سؤال :
- ما الذي يجعل من القصة القصيرة جدا جنسا أدبيا مغريا، ونصا قصصيا جميلا ؟
و قد أدرجها كمقدمة لأضمومته القصصية "مثل فيل يبدو عن بعد" تحت عنوان "تلك القصيرة جدا" (صفحة 5) والتي يستهلها بقصة المدرس الذي طلب من التلاميذ أن يرسموا فيلا. فما كان من أحدهم إلا أن رسم نقطة على السبورة، وعندما سأله المدرس عن سر النقطة.
قال التلميذ :
                                                                                               
- إنها الفيل الذي طلبت رسمه.
                                      
- لكنني لا أرى سوى نقطة ضئيلة في امتداد السواد.
                                                    
- طبعا.. لأن الفيل بعيد جدا.”
                                      
إذن هي القصيرة جدا ما شبه القاص بالفيل الذي يبدو عن بعد. يقول البقالي في مقدمته : تلك النقطة الضئيلة على السبورة هي القصة القصيرة جدا.. التي تبشر بعالم له شكل فيل أو غابة.. أو درج إلى العمق الإنساني.. شكل يتعاون كل من الكاتب والقارئ على رسم ملامحه والنفاذ إلى بواطنه وتتبع إيحاءاته".
وإلى جانب التأمل السردي في ماهية القصة، عبر نصوص قصصية تفكك عملية الكتابة ذاتها جنح حسن البقالي، كعادته في إصداراته القصصية إلى تنوع في الموضوعات وتشعب في الأساليب.. ففي قصة "قراءة نوعية" تبدو سخرية البقالي طافحة، فالسارد في قراءته النوعية هذه لا يحتاج فتح الكتاب حتى : "الكتاب بين يدي. وصورة الكاتبة جذابة على صدر الغلاف. ما الفائدة من تقليب الصفحات......؟؟” (قراءة نوعية - صفحة18) هنا نلمس نقدا لاذعا لأولئك الذين يستمرئون الوقوف عند المظهر دون الجوهر أو القشرة دون اللب.. وفضحا لدوافع بعض القراءات التي تغرق الصحف والمواقع والكتب والتي يصفها أصحابها بالنوعية، فتبدو المفردة فارغة من محتواها.
وغير بعيد عن روح السخرية والوخز اللاذع ينتقد القاص زمن البطولة المشوهة والمعارك المهينة في قصة (البطل ص34) يقول السارد “خاض حروبا عديدة انتصر فيها جميعا.. وحين أفاق.. كانت آثار معركته الأخيرة بادية في شكل بلل على السروال”
                
في نفس المناخ يندرج نص (قائد محنك ص35) ”التفت على جبل سامق وبضعة تلال، وقاد جيشه عبر وهاد مكتملة، وصل إلى فرجة من الأرض اختارها مكانا للموقعة. وقف خطيبا.. استثار الغرائز والمشاعر البدائية الدفينة.. حتى إذا جاشت الأنفس بالرغبة في اجتراح الفظاعات، قسم الجيش نصفين وقال : اقتتلا.”
                                                 
عند الكلمة الأخيرة "اقتتلا" تتضح الفكرة التي من أجلها كتبت القصة.. وطريقة "التجلي" هذه أو الكشف عن المغزى عند خط نهاية النص، تجعل المسار السردي للقصة يخدع القارئ الذي ينتظر ما الذي سيفعله هذا "القائد المحنك" بعد أن جيش المشاعر واستثار الغرائز.. هنا نقد للحروب المجانية والفارغة، وللحرب الطائفية أو الأهلية.. و كذا قصر نظر القائد والزعيم الذي يستغل المشاعر البدائية لأجل مصلحة مخفية..
                                
يلاحظ أن عناوين النصوص الثلاث مفارقة للمتن السردي، فلا القراءة النوعية كانت كذلك ولا البطل بطل بالمعنى المتداول ولا القائد قائد محنك بحيث يقود جيشه إلى انتصار ما، أو على الأقل إلى معركة حقيقية.
وعن معارك صغرى أخرى، هذه المرة، يقترف القاص تعرية تصدع العلاقات الإنسانية والروابط الحميمة وانكسار جسور التواصل. فنجد من النصوص ما يلقي الضوء على الحقد الدفين المتبادل بين رجل وامرأة أو بين الأفراد عامة. يقول السارد : "نظر إليها... نظرت إليه... كانا يعرفان بعضهما... ويعرفان ألا شيء يجمع بينهما... غير نظرات مثقلة بازدراء متبادل وحقد مكين." (شعور متبادل صفحة22) في نفس الاتجاه مع زيادة تخمين الدوافع والأسباب الغير واضحة تماما لهذا الكره الدفين وهذه النظرات المتوعدة بالجحيم. تتناهى إلى ذهننا حيرة السارد في نص (ربما صفحة 24) : "ربما بدر مني فعل ما... في يوم لا أذكره أو حياة سابقة... أغاظ الشخص الذي يجلس قبالتي... هذا ما استنتجته على الأقل من نظراته التي تتوعدني بالجحيم." وعبر خط سردي خفي تصاعدي يشد النصوص إلى بعضها، نمر على نص (قطرة صفحة42) والذي تصل فيه حدة الصراع إلى القتل بجدارة. يقول السارد: "لقد قتله... كانت هناك قطرة وحيدة في صحراء التيه... أحدهما فقط يستحقها... بجدارة قاتل حقيقي." و عملية القتل لعبة كتابية أثيرة عند البقالي، يوظفها بمهارة سردية لا تخفى على قارئه، فهاهو السارد في نص (جريمة كاملة صفحة55) يخبرنا بأن القاتل يفخر بأنه صار قاتلا، دون أن يتمكن أحد من إثبات وقائع الجريمة. لكن هل الجريمة كاملة هنا فعلا، كما يدل على ذلك العنوان، أم أنها لم تحدث أصلا؟ وأي من الجرائم هي؟ لنعد إلى النص كاملا: "عندما ثارت الزوبعة الرملية... استل خنجرا ورشقه في قلبها. يقسم على أنه لمح قطرات دم آزرتها صرخة مكتومة.. ويفخر بأنه صار قاتلا، دون أن يتمكن أحد من إثبات وقائع الجريمة."
كل ذلك وغيره من الموضوعات كالعلاقة الملتبسة بين الرجل والمرأة، الموت، الفن، هموم المواطن البسيط وصراعه مع الضرائب ووطأة الإحالة على المعاش، التاريخ وحتميته، الحرب وقذارتها والتي يترسخ اعتقاد شخصية أحد نصوص المجموعة (استيهام صفحة36) بأنها غائط البشرية وبأنه كملازم أول؛ مجرد دودة ضئيلة تستوطن الغائط.. قلت كل ذلك وغيره يصبه القاص في وعاء لغوي له من الشعرية والبهاء والرشاقة ومن الجاذبية وجمالية الخطاب -والتعبير للقاص نفسه- ما يغري حاملي الأقلام بخطب ود "القصة القصيرة جدا"، ضدا على الامتعاض الذي تخلفه لدى البعض ممن استمرؤوا المعاطف القديمة.
عبد الجبار خمران                                                                   
كاتب مغربي مقيم بباريس
-----------------------------
(*) مثل فيل يبدو عن بعد "قصص قصيرة جداً" حسن البقالي - الطبعة الأولى 2010 عن سندباد للنشر والإعلام بالقاهرة.
(**) الرقص تحت المطر"قصص قصيرة جداً" حسن البقالي - الطبعة الأولى 2009عن سندباد للنشر والإعلام بالقاهرة.



samedi 23 janvier 2016


 زاوية نظر

 

..ياه
كالثمرة الوضيئة
كشلال مباهج خاثرة، تلوح أمامي في الزقاق الضيق الذي يهدي أصابعه لتباشير العتمة
امرأة من ربيع
وخطوات مثل طبول صغيرة راعفة، تعلن الحرب على سكينتي..تبلبلني
أنا الشائه
:أنا المسخ الذي لا يصلح إلا لشئ وحيد
أن أكون قاتلا بالتسلسل

vendredi 22 janvier 2016

رانيا




      كنا في المقهى حين مرت "لاراف". ثانية واحدة كانت كافية كي تظهر وتغيب عن الأنظار, بيد أن أ شياء عديدة حدثت خلال تلك الثانية.. لقد تقلصت عضلات وزمت أفواه, تخلصت أيد من بضاعة ممنوعة, وانسكنت العيون بظلال مريبة لأقبية تحت الأرض ومسارب سرية . ولو رغبنا في مواصلة أحاديثنا السابقة لتعذر علينا ذلك , فكلنا يعرف جيدا  أن لا شئ يبقى مثلما كان, بعد مرور لاراف.
      ران علينا صمت ثقيل, ظل يحدجنا بضراوة مربكة أفقدت جلستنا حميميتها المعهودة. كنا نستشعر وجود لاراف بيننا, تدورحوالينا متربصة, تقرأ الفناجين وتفتش الجيوب الداخلية.. ثم حصل ذلك الشئ الغريب: امتلأت المقهى بالضحك .. ضحكة موحدة صاخبة, تعالت من الأفواه في نفس اللحظة , كأن الأمر تتويج لعشرات التمرينات السابقة.. ضحكة متفق عليها وضرورية, انفرجت بعدها الأسارير وتمكنا من النظر الى بعضنا البعض.
هكذا تخلصنا من لاراف كحالة نفسية , لكنها بالمقابل , ظلت حاضرة كموضوع للتداعيات والحكايات . كان ذلك عندما سأل أحدنا "ابا علال":
- لم لا تقص علينا حكاية عن لاراف؟

     " كنا على أهبة تناول الغذاء حين طرق الباب وسأل: هل عندكم رانيا؟  
      ورانيا صبية دون الرابعة..بقُصة سوداء وجسد مكور وصغير كحبة مشمش, تنسل من المنزل في غفلة عن الآخرين, وتقصد إحدى دور الجيران حيث تغرق طيلة ساعات دون أن يسأل عنها أحد .. في أوقات الأكل فقط, يخرجون للبحث عنها ويطرقون الأبواب: هل عندكم رانيا, هل عندكم رانيا؟
      الأم لا وقت لديها لتفقد الأولاد (تشتغل طوال الوقت على ماكنة لصنع التريكو)
      والأب لا وقت لديه لتفقد الأم ( سكير عربيد لا يهتم سوى بما يوفر له زجاجة خمر)  
      أما الأولاد فلم يجدوا فسحة كي يتعلموا الحب..وتظل رانيا وحيدة, تدور في زوايا البيت بحثا عن تسلية, وتخشى ردود الفعل..تشد طرف ثوب أمها,تجذبه إليها فتنهرها الأم: دعيني.. ترى الملعقة أما والكأس أبا , تحادثهما طويلا, تشكو إليهما وحدتها وتطلب "بيمو" . أخيرا تتوجه نحو الباب , تمد كفها الصغيرة الى المقبض, وترمي بجسدها إلى العالم الفسيح الذي يهب نفسه لخطواتها.

      تزورنا أحيانا للعب مع ابنتي ..أحذرها من الطريق فتهز كتفيها , وأسألها عن أبيها فتهزهما أيضا , ثم تسابق ابنتي الى دراجتها ذات العجلات الثلاث , أو تخطف دميتها : لرانيا نزوع استحواذي , مع سادية جنينية تربض خلف الستار البرئ لعينيها السوداوين.
     في تلك الأيام ظهر الوحش على رأس عصابته الإجرامية .  
     اعترضوا سبيل فتاة تشتغل في معمل بالضواحي, سحبوها الى الخلاء تحت تهديد السلاح,  وهناك زرعوا نطفهم فيها , واحدا إثر الآخر , قبل أن يرموها كما لو أنها قطعة كلينيكس مسحوا بها مخاطهم .
    هاجموا رجلا, وبعد أن نزعوا منه كل ما يملك , علقوه عاريا في شجرة.  
    وتفشت أخبار العصابة , ما بين اغتصاب وسرقة وقتل , فعم الذعر المدينة ..صار الناس يتلافون الأماكن المعزولة , يأوون الى دورهم باكرا ويمنعون الأطفال من الخروج..لكن رانيا لم تتخل عن عادتها , رانيا الطفلة الوحيدة التي ظلت تسرح – مثل بزاقة متهورة- في الطرقات والدروب, غير هيابة من الوحش, من السيارات والغرباء , ثم تقصد إحدى الدور, تدخلها وتستحوذ على لعبها.
     وكان من الطبيعي أن تنشط حملات الشرطة.
تظل لاراف تذرع الشوارع , تنكش المقاهي والأماكن المشبوهة: اعتقالات بالجملة, تحقيقات عسيرة.. لكن الوحش يتبخر في الهواء , كلما اقتربوا منه ابتعد, وكلما حاصروه نجا بأعجوبة.. هكذا صارت أخباره تكتسي مسحة بطولية وتنسب الى  جرائمه غايات نبيلة..الوحش الذي صار حديث المجالس , في الدور المقاهي الحمامات والمدارس..الذي دوّخ البوليس ويخوَّف به الصبيان..
     الوحش ذو السبعة رؤوس.."

     تهدج صوت" ابا علال" .. توقف عن الحكي , وتلافى نظراتنا المتسائلة ..استل من علبة كازا لفافة , أشعلها وأرسل الدخان يطرقع فوق رؤوسنا.
     قال:
     -على كل حال, حكاية الوحش تعرفونها ..تعرفون أن الدائرة ضاقت عليه في النهاية , في ذلك اليوم الرمادي من نوفمبر, حيث ألقوا عليه القبض وكبلوه بالحديد مع أفراد العصابة.
     قلت: 
    - نعم نعرف ذلك,لكننا نود أن نعرف  ما دخل رانيا في الحكاية, ثم لا تنس أننا سألناك حكاية عن لاراف.

    "كانت المقهى ممتلئة عن آخرها بالزبائن والدخان, وصوت أم كلثوم ينبعث من ثقب في الجدار , دافئا كليالي الصيف, , وفجأة, توقفت لاراف.. نزل منها ثلاثة من رجال الشرطة ودلفوا الى المقهى يجوسون بأعينهم سحنات الزبائن ويستفسرون كل من ارتابوا في أمره.. من الباب الخلفي للسيارة,تبين أن الحملة ليست في مستهلها: كان هناك الكثير من الشبان المكدسين بشكل بشع , سرعان ما انضاف اليهم آخرون من المقهى , أغلقت الباب عليهم, وتحركت السيارة من جديد.
بدا رجال الشرطة راضين عن حصيلة الحملة , ولم يكن هناك داع للعجلة ..جاست السيارة الشارع بسرعة محدودة , ثم انحرفت الى شارع جانبي معتم ..كان الجو خانقا بالداخل , حيث داس البعض على طرف البعض, وفجأة..رأى أحدهم عينين سوداوين شديدتي الغور, تتفرسان فيه.. لم يميز شيئا في البداية فأصيب بالذعر ..عينين سوداوين فقط.. تتطلعان اليه من تحت , دون أن يرف لهما جفن.. ثم تعرف على الملامح , والجسدالصغير المكور المألوف , فأطلق صيحة دهشة واستنكار:
    - رانيااا

    خرجت رانيا كعادتها ..رأت الشارع والمقهى والظلال , ثم رأت الباب المفتوحة فاندست تحت الركب..علت ضحكة ما,تلاها ضجيج ..عندها فقط أحست رانيا بغربة المكان, فعَلا صوتها بالبكاء ..توقفت السيارة , وانفتحت الباب الخلفية ..وإزاء ارتباك رجال الشرطة وانشغالهم بأمر الصبية الباكية التي اصطادتها شباكهم, جعل الشبان المحبوسون يتقافزون كالجداء , ثم يذوبون في الأزقة الجانبية."


الإقامة في العلبة

jeudi 21 janvier 2016

للكاتب العزلة و للغياطين الصخب




     




!دنيا 



أنا أرتجف
أرتجف من البرد
أرتجف من الدهشة
أرتجف من القلق
أمي تصرخ بشدة
وأنا – من خرم صغير ضيق-
أطل برأسي على العالم

mardi 19 janvier 2016


                                                      جميلة



من نافذة الشقة المقابلة ، يبدو وجه جميلة الذي أرهفته سنون عزلة طويلة وحزن مبرح دفين ..إطلالة سريعة على الخارج ثم يغيب الوجه وتتوجه جميلة بخطوات وئيدة إلى الغرفة الداخلية، ثم إلى غرفة أخرى في الأعماق القصية للذات .
ضجة بالخارج .
ضجة عالية .
رجل وزوجته في مشاداة كلامية ساخنة وبذيئة ، جمهور من طالبي الفرجة يضيفون فلفلا إلى قصعة الكسكس اللاذعة ،وشمس تحدق من عل في حياد عجيب .
صاحت المرأة بأنها جعلت منه رجلا بعد أن كان مجرد ديوت.
رد الرجل بأنه سيريها ما الذي يصنعه الديوت بالقحاب مثيلاتها.
قال واحد من الجمع : العنا الشيطان ، بينكما أولاد لا يصح أن يشاهدوكما على هذه
الحال .
ردت المرأة : أدخل سوق رأسك واهتم بصئبانك.
وصاح شاب عن بعد : نريد دما ، أين الدم ؟
ثم أتى البوليس ، أخذوا الرجل وزوجته في السيارة الموشومة ، وتركوا أولادهما ينتحبون ..انفض الجمع في هرجلة ولغط ولم تظهر جميلة..
                                                    

                                                                

                                                                 من رواية  : ماء الأعماق