lundi 25 avril 2016


افتراضي



كان جان بودريار في صالة السينما حين أحس بكف تلامس كتفه العارية.. ودون أن يلتفت، حدس أنها كف المرأة التي نزحت من هناك. للحظة، افترت شفتاه عن بسمة لم يكن بإمكان الظلمة أن تكشف عنها لأي كان.. ثم حاول أن يشغل نفسه بتجميع أحداث الشريط المعروض لحواسه:
قرية أمريكية تقوم بين أهاليها علاقات محض افتراضية، فلا عمليات التسوق ولا حفلات أعياد الميلاد..لا مدارس أو حانات أو حدائق أو مباريات الكرة..لا شيئ من كل ذلك يتمتع بعد، بالبعد الواقعي.. بل أزرار ومفاتيح وكاميرات فرضت الافتراضي كواقع وحيد ونهائي..هكذا آل الجسد إلى الضمور، وصار استمرار النسل فعلا تقنيا أساسه الاستنساخ.
كان بودريار يتابع أحداث الشريط بشغف زائد، حين أحس بكف المرأة تلامس كتفه، توقظ فيه هواجس كان يخالها بعيدة الغور.. أدرك بما لا يترك مجالا للشك أنه – هو جان بودريار- مجرد نتاج آخر للعالم الافتراضي الذي يفتك بظلمة الصالة الآن..استسلم كليا لمشيئة المرأة، وهي تطوق جسده بذراعها الآسرة، فيما هي تسير به جهة الشاشة..تماما كما تعود أم بابنها الضال إلى بيت العائلة.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire