mercredi 29 juin 2016


 للطوارئ





بزغ من حيث لا أدري، وسد علي الطريق
قال:
- ينبغي أن تعرف
- أعرف ماذا؟
- أنت من المختارين القلائل الذين عليهم أن يعرفوا
وكما تقلب الخبزة في الفرن، انقلبت الأرض بي.
كان يبتسم الآن وهو يسأل:
- هيه.. ماذا ترى؟
- لا شئ خارج المعتاد
- أحقا؟ انظر جيدا
كان كل شئ كما كان على الدوام.. المدينة والناس واللغط وبرامج التلفزيون والشمس وسحنة الجار الذي لاح من ثغر الباب و...
صعقت
كان كل شئ كما هو.. تماما
لولا أنه معكوس، كما لو أنه يتجلى من خلال مرآة
-أنت الآن في نسخة مكررة من العالم.. نسخة بديلة للطوارئ.




                                                             قط شرودنجر
(قصص )                                                                     





lundi 27 juin 2016


 خبز الوظيفة




                              

الطابق الثاني للعمارة.

صالة واسعة مستطيلة الشكل ، وحجرتان ضيقتان من نفس الحجم تقريبا ..في الحجرة الأولى ينيخ مكتبي مثل جمل كسول وعجوز ، وبالحجرة الثانية مكتبان لزميلتي في العمل ، متقابلان في وضع تأهب أبدي للحظة عناق لن تسمح قوانين المادة لها بالحصول ، بينما الصالة الفسيحة التي تنفتح على الخارج عبر نافذتين متجاورتين وشرفة ، هي مكتب الرئيس ، والرئيس لم يأت بعد.
أنا في مقر العمل الآن ..
أمتلئ بنفس الإحساس الذي ينفخ بالونه داخلي كلما اقتعدت هذا الكرسي بأن العبث هو الحقيقة الوحيدة التي تعربد بين ظهرانينا في فجور ، تشدنا بملاقطها وتجرنا في غفلة إلى محافلها المعتمة.
حين فشلت في اجتياز السد العالي للبكالوريا ، و أنكرت كتبي وأوراقي ، كنت أعتزم أن أبيع زجاجات الطيب والعطور كما فعلت في صباي ، لكن أمي كانت تحلم بأن تراني موظفا حكوميا يشعرها بالأمان « وإلا ما جدوى كل هاتيك السنوات التي قضيتها في الدراسة والطلوع والهبوط وانتظار النتيجة بقلب واجف ، تناول الغذاء على عجل ،ثم إعداد العدة لسفر جديد» سفر حقيقي ، محنة سيزيفية يومية من أقصى أطراف المدينة شمالا إلى أقصى أطرافها جهة الجنوب ..الآن ، حين أتذكر ذلك ، أعجب كيف ظللت أقطع تلك المسافات الخرافية طول مدة الدراسة بصبر لا يثلم ..أقبع خلف المكتب موظفا حكوميا لا يشعر بالأمان ، الجريدة أمامي ، والكلمات المتقاطعة تنتظر مني الندهة الأولى كي تطلق في وجهي أطيارها الملغزة ..من المكتب الآخر تصلني أصداء لغط لا يفتر تحتمي به هناء وفضيلة من النبال اللامرئية لعساكر الوقت ..الرئيس لم يأت بعد.
خلف ظهري نافذة تشرف على إعدادية وموقف للسيارات ، لكنها تظل مغلقة اتقاء لتيار الهواء ، وعبر الباب التي تواجهني ، باب الصالة المؤدية إلى الشرفة والمفتوحة على الدوام ، تنهض عمارة من أربعة طوابق أغلب شققها عيادات لأطباء في مختلف الإختصاصات ، ومن هذا البعد ( تفصلنا عنها حديقة صغيرة وشارع ) تبدو ظلال زوارها مجرد أشكال هلامية بلا ملامح أو قسمات ..من الغرفة الأخرى تعلو ضحكة فضيلة المتقطعة والشبيهة بحنحنة فرس تتوق للوصال ..« عنوان مؤلف من ثلاث كلمات لإبن الجوزي » بداية مقرفة لشبكة أكثر قرفا ..يعلو رنين التلفون ، ثم صوت هناء يرد على الهاتف « ألو، السي محمد ؟ اشكون اللي ابغاه آسيدي ؟
اللا ، ما زال ما جا في هاد الساعة » تضع السماعة ، ويبدأ اللغط من جديد ..«حيوان أليف» لست أدري من الذي قال ساخرا إن المرأة أيضا حيوان أليف ، من الذي رد بأن الأنثى هي الأصل ..أنا أسمع فقط لأني لا أحب الكتب ، لكني أعتقد أن المرأة أكثر تحملا من الرجل ، وبالتالي أكثر دهاء لأنها أكثر قدرة على التكيف مع الأوضاع المستجدة ..فضيلة مثلا ، أستاذة فلسفة ، لكنها - عوض الالتحاق بالقسم - عينت هنا، دون مهمة محددة تبذل ذاتها للآخرين من خلالها ..تحل بالمكتب كل يوم ، تعد عناكب الفراغ التي تبني بيوتها في اطمئنان ، تتلهى عنها باللغط واللبان ، راضية مرضية كأنها لم تخلق إلا لتشغل هذا المنصب بالذات ، تؤنس هناء في وحدتها وتنتظر الساعة الخامسة كي تروح إلى البيت ، وعلى الأرض السلام .
وهناء سكرتيرة المكتب .
تضحك في إشراق ، وترسل الكلمات في وجهك تباعا بلكنتها الفاسية، ثم تنثني باتجاه مكتبها بخطوات موقعة شبيهة بهدهدة طفل مقبل على النوم .
-
الحاجة أتت متأخرة هذا اليوم ، وتركتني أنتظر خمس دقائق أمام الباب .
كدت أقول لها : ما الفرق بيم أن تنتظري بالداخل أو الخارج.. لاحت لي الحاجة منظفة المكتب بجسمها المترهل وأوجاع السنين، قلت :
-
أنت تعرفين ، إنها امرأة متقدمة في السن ، وينبغي أن تعذريها .
-
أنا لا أشكوها ، لكن الإنتظار في الطابق الثاني ، بين بابين مغلقين قد يعرض آنسة مثلي للمكاره .
قالت في غمز ملثم ، وطلعت من أعطافها ضحكة عارمة.. بدت بأسنانها البيضاء وجسدها المكتنز الراقص على ثبج الضحك مثل طفلة نضجت قبل الأوان على إيقاع الحب الأول
..«
أعرف أنك آنسة وأنك تحفظين كل شئ عن حفلات الزفاف ، طقوسه مراسيمه ومقالبه، وتحلمين باليوم السعيد ، لكن...
-
لا شئ يحدث ، لا داعي للقلق ..
غمغمت وكأني أحدث نفسي ..
تتحرك الظلال في الواجهة البعيدة ، ظلال صامتة ينخبها المرض ، أطباء عيون ، أمراض نساء ، الجهاز الهضمي والكبد والمرارة ، أطباء أسنان ، جراحون ، محلفون ، مختبر للتحليلات الطبية ..كلهم تابعوا دراساتهم بالخارج ثم عادوا لطفاء هيابين، ما تزال ترفرف على أرواحهم الطرية الحمائم البيضاء لشرف المهنة ، قسم أبيقراط والرغبة في التخفيف من أوجاع البشرية ، لينتهي بهم الأمر إلى نوع من اللامبالاة بمكابدات المرضى ، ولهاث لا يفتر وراء حياة رغدة ملساء .
لم يهدأ لأمي بال حتى استلمت تعييني كمحرر في السلم الثامن.. ما الذي دفعته مقابل ذلك ؟ لم تخبر أحدا ، كانت تكتفي بمشية ظافرة ، هزة كتف ، ضحكة تنفلت دون قيود حتى إذا أتعبتها الأسئلة ونظرات العيون ، لمحت في كلمات مقتضبة إلى قريب لها بعيد في سلم القرابة يحتل منصبا مهما في الوزارة «والمهم أنك حصلت على شغل»
بضعة اجتماعات في السنة ، أحرر عنها تقارير ، ثم لا شئ ، غير العناكب والأنسجة الواهية والفراغ واللغط ، الكلمات المتقاطعة العبث ، و « ألو ..السي محمد ؟
اللا ، ما زال ما جا في هاد الساعة.. ألو ، اشكون اللي بغاه آ سيدي ؟» ثم هناء وفضيلة ، وجها لوجه.. ينقطع حبل الكلام أحيانا ، ليمتد حبل آخر للصمت ، لحظات موجعة ، توهان في براري الذات أو خلف صور هاربة كالفراشات.. هناء العزباء وفضيلة المتزوجة ، هل يأخذهما الصمت إلى نفس المناطق الحلمية ، تشربان من نفس النبع وتظللهما نفس الأفنان حتى إذا عادتا على أفراس الهواء إلى الحجرة الضيقة التي تأكل أيامهما ، تبادلتا نفس النظرة المتواطئة التي تحمل نفس الخطاب :« هكذا ، كنت هناك أيضا أيتها اللئيمة » ثم ارتمتا في ضحكتين متناغمتين ؟
أنهيت الكلمات المتقاطعة فتصاغرت الجريدة وغفت على المكتب ..هناء قالت إنها تلقت رسالة من المدعو سلام الغالي وإن إخي طلبني وسيكلمني ثانية ..أترقب رنين التلفون ..تزدحم بذهني صور كثيرة من أزمنة متعددة ..فجأة وجدتني أصيح بفضيلة :
-
هل تعرفين جورجيوس الأبيض؟
-
جورجيوس الأبيض؟ لا..هل هو سؤال في الكلمات المتقاطعة؟
-
لا..
دخلت قوقعتي من جديد ، وعادت هناء وفضيلة إلى اللغط ..لا شئ يحدث ..التلفون لا يرن ، والرئيس لم يأت بعد.
                                                 رواية ماء الاعماق


jeudi 23 juin 2016


القصة والسمكة المبعثرة



ذات أمسية ظليلة, نضد كاتب قصة الجملة التالية: "لم يبق من نصيبه في( الشبكة) سوى(سمكة) مبعثرة"(1), ودفع بها الى الصدور بوصفها قصة قصيرة جدا..
لنفترض أن الكاتب يتحدث عن رجل يعتاش من صيد السمك , وأن حظه العاثر أوقعه ذلك اليوم في سمكة مبعثرة لا غير.. وفي هذه الحالة يتوجب علينا أن نقدم جوابا على هذا السؤال: كيف يتبعثر السمك في البحر؟
أما الإفتراض الثاني, وهو الأقرب الى العنوان فالشبكة هنا لا تعدو كونها شبكة للكلمات المتقاطعة في جريدة تداولتها أيدي زبناء كثيرين لنفس المقهى, قبل أن يحين دوره ويصادف آخر الكلمات: سمكة مبعثرة.
يبقى الإحتمال الآخر , هو أن الشبكة ليست شيئا آخر غير الحياة, بكل صخبها و تشعباتها وأقدارها الغامضة, والتي لم يكن حظه منها غير التمزق وجروح في الوجدان.
حدث أن عاب أحد النقاد على الكاتب أن يعتبر الجملة السابقة قصة يقدمها للقراء باطمئنان, فالقصة أسمى من أن تحتل المساحة التي تملؤها جملة هزيلة..لكنه الآن, وهو يقلب فيها الفكر ويخوض في التأويلات المتصادية , لم يعد له نفس اليقين السابق.
لقد صار بإمكانه أن يجزم بحقيقة يتعذر إنكارها, وهي أن جملة واحدة يمكن أن تشكل قصة, تماما مثلما يمكن لقصة أن تحاكي العالم.

*******
(1) "لم يبق من نصيبه في( الشبكة) سوى(سمكة) مبعثرة" قصة قصيرة جدا للقاص المغربي حسن برطال

 


 الرقص تحت المطر
(قصص قصيرة جدا)

mardi 21 juin 2016

معطفي متعدد الالوان الذي صنعته امي لي






اختفاء



ما حدث هو أن حجيبة المحمودي اختفت ..
فيما بعد سيأتي فريق للشرطة القضائية, مكون من ضابط وحارس أمن , وسيطرحان الأسئلة المعتادة في حالات الإختفاء , باللامبالاة نفسها التي يسقط بها المطر :
من تكون حجيبة المحمودي هذه؟
لماذا اختفت؟
وأين؟
يعدان باستكمال البحث فيا بعد, ويعودان الى المفوضية.

من:

امرأة متوسطة الجمال..لها خال على الخد الأيمن ونظرة ظل بريقها يخبو مع توالي السنين ..كلما حل شهر مارس, تسمع عن يوم عالمي للمرأة , ثم لا تسمع بعد ذلك سوى أفعال أمر ونهي : " صبني, فرشي, طيبي , آجي سيري , ما تمشيش, ما تعيقيش, اسكتي, كلي ماتاكليش.."
وفي يوم أحد..
أحد عادي جدا..طلعت فيه الشمس من مشرقها ونقلت نشرات الأخبار الصور المعتادة عن الحروب وبذاءات الساسة والإحتباس الحراري, نادى أحد الأولاد:
- أمي.
فرد أزيز طنجرة الضغط ورائحة طبيخ جف ماؤه ودخل مرحلة احتراق بدئي.
لم تكن في الحمام ولا في المطبخ أو السطح او أية غرفة من الغرف..
لم تقصد أي دكان أو سوق لبيع الخضار واللحوم ولم تزر بيتا للجيران.
لم تقصد مستشفى ولا هاتفها أحد.
بدا العالم فجأة كما لو أنه حمام صونا , أو رحم هائل لم يتخلق منه أحد بعد..زاغت أعين الأولاد فيما يشبه وجع الأميبيا, وغرق الزوج في مياه ضحلة من التساؤلات والردود التي ينكش بعضها البعض. وفي لحظة تطاولت فيها حموضة الروح, ومثل طفل لم يخبر من قبل لون الفطام, وجد نفسه يثغثغ:
"حجيبة, عرجون البلح الذي أنضجته شمس السنين , أية ريح عاتية طوحت بك بعيدا عن نخلة الدار؟"

لماذا:

كانت هناك قبل أن يخرج الزوج .
قبل أن يدخل الأولاد عوالمهم , لحظوا خطواتها المتنقلة بين الغرف لجبر الكسر الذي حل في نظام الأشياء.
هيأت الغذاء: السلاطة "النيسواز", طبق اللحم بالفاصوليا , والرغيف الساخن, ثم..شقت لنفسها نافذة الى أفق ما وراحت.
- أمي ي ي
فقط أزيز الطنجرة وذكرى امتلاء وأسئلة مثل وخز الإبر.
فقط حسرة جارحة وبكاء.
سيتخبط الزوج ليالي طويلة يلونها السهاد, قبل أن يفتح بصيرته على حقيقة مروعة: طوال ربع قرن من الزواج, لم يحدث أن وجه لها كلمة شكرواحدة, أو أية كلمة رقيقة أخرى تفتح شهيتها للحياة وتسقي دمعة الحب الخبيئة تحت جذور القلب..كانت هناك بحكم قانون الأشياء , تقوم بواجب الأنثى , وهو كان هناك أيضا..ثم أتى الأولاد تباعا , وظلوا يكبرون ..
وفي خلال ذلك
حجيبة تعد الأكل
حجيبة تصبن
حجيبة تزرع اللذة في الفراش..ترتب المنزل..توقظ الأولاد وتشيعهم باسمة عند الباب..تستقبلهم عند الرجوع وتسهر على حماهم..
لا يساعدها أحد
لايهتم بأسباب فرحتها أحد..بالنسبة لهم, هي هناك بحكم قانون الأشياء , تقوم بواجب الأم, وهم هناك أيضا.
ولم يلحظ أحد تلك النظرة الكسيرة في العينين..
النظرة التي كان يقطر منها العسل المصفى يضمد الكروب, ما عادت كما كانت.
لكن من يهتم بأسباب تعاستها؟
من يذكي جذوة النار بداخلها؟
- أمي ي ي ي
مثل خيط ضوء غيبه الظلام..مثل سؤال لا ينتهي..



أين:

في بلد بعيد وشاسع , سيعثر شخص يتسم ببعض الجسارة على امرأة شبيهة بحجيبة لولا أنها متوهجة وملأى بالحياة
- عفوا, هل أنت حجيبة؟
فترد ضاحكة:
- حجيبة من؟ أنا "سافرة" تحت ضوء بهيج..ماذا تود أن تشرب؟
يغمغم الشخص باسم مشروب ما تحت تأثير دوخة مبلبلة, ذلك أن المرأة التي أمامه الآن, توزع البسمة والطلبات على زبائن المقهى, تشبه حجيبة بشكل لا يصدق.
سيأتي أشخاص آخرون ويدعون لقاءهم بحجيبة في أماكن متفرقة , تشتغل تارة في حانة أو تغزل الصوف, وطورا تتسول رغيفها من المارة.
الأكيد أن اختفاءها فتح الباب على مصراعيه أمام مصائر متشعبة.



lundi 20 juin 2016

كما يصنع لصوص الخراف





علمت قصصي القصيرة جدا بقرب انعقاد المهرجان، فتحلقن حولي، تبرز كل منهن مفاتنها وتأمل أن تكون رفيقتي..
لن أشبع فضولهن، أو أحسم في اختياري الآن..
سأنتظر انتصاف الليل
أتسلل إلى خدرهن خلسة كما يصنع لصوص الخراف
وأدعو إلى رفقتي الجديرات فقط:
أولئك الملتحفات بالأرق، يحرسن أحلام الأخريات
ويجدفن بعيدا في الملكوت..

                                                                  مثل فيل يبدو عن بعد
                                                                   (قصص قصيرة جدا)
  

samedi 18 juin 2016


موسيقى



سمع الدب طلقة بندقية، فالتف على نفسه وبدأ الزحف باتجاه الصوت.
كانت الطلقة بمثابة جرس للعشاء
وانحداره نحوها شبيه بانجراف للتربة حتمي الوقوع وضروري.
كان يدرك بيقين متعال أن خلف منظار البندقية عين صياد محترف، يرصد اهتزازات الريح بين فروع الأشجار، وظلال الطرائد المحتملة.. تقدم باحتراس، يتشمم روائح الغابة وأنفاس الموجودات والدم المحتمل الساخن لطريدة مجندلة.
سيزدهي مساؤه بطعام طازج، أو يتلقى رصاصة ثانية... وفي جميع الأحوال، سيتقبل مصيره بمحبة غامرة للقاتل والمقتول على السواء.
كان على قناعة بأنه، والطريدة والصياد أوتار مشدودة إلى القيثارة الهائلة المسماة كونا.. وأن انقطاع وتر أو أكثر هذا المساء هو من قبيل الدوزنة المرغوبة للآلة
هو الآن في مرمى الطلقة..
تملؤه السكينة وتغسل روحه الموسيقى.




                                              مثل فيل يبدو عن بعد

                                                           (قصص قصيرة جدا)




mercredi 15 juin 2016


              السر يفرد دائما جناحيه الناريين ويطير




سأعيد الكتاب إلى صاحبته.
أذهب إلى الحديقة أتقصى أخبار المرأة التي اقتعدت الطرف الآخر للكرسي حيث كنت ، التي بدت في كامل الهدوء قبل أن يهتز كيانها فجأة وتهب مذعورة صائحة ، ثم تقذف بالكتاب أرضا وتولي..سأسألها أن تغفر لي تسرعي الذي جعلني أجير كتابا مغضوبا عليه ، أنثر أمامها أغراس حياتي الماضية بذرة بذرة ، وعوسجة عوسجة ، أدعوها إلى تمشيطها وغربلتها « لتتأكدي من نقاء سريرتي أيتها المرأة الفاضلة» ترمقني هي بطرف عينها وتتابع حكايتي ببرود واضح ، لكني أسترسل في تقليب تربة أيامي حتى تحين اللحظة المناسبة ، نرفزة فجائية في حركات يديها أو اتساع في حدقة العين، إذذاك أبتلع ما تبقى بين جدران اللهاة من ريق وأقدم لها التماسي :

-
لقد أوقعني كتابك في ورطة ، أعينيني على الخروج منها باسترداده ، أرجوك .
يفتر ثغرها عن بسمة غير متوقعة تعود بها عشر سنين إلى الوراء ( أتساءل لحظتها من أين للبسمة كل ذلك السحر ، سحر تشبيك خيوط الزمن و الالتفاف عليها ) تطل بعينين متفرستين على دمي الصاخب ، ثم تقول :
-
أوقعك في ورطة ؟ ذلك لأنه كنز ثمين .
-
ولماذا رميته إذا كان كذلك ؟
-
لأني لم أعد بحاجة إليه .
-
لست أفهم .
- -
لأن الكتاب ليس مجرد أوراق وحروف مخطوطة ، إنه معنى والصدر مأواه .

جعلت تضرب على صدرها بكف ذات أصابع رفيعة وهي تردد :« الصدر مأواه ، الصدر مأواه » وكلما رفعت يدها ، ارتجف نهداها موقعين وشوشات ناعمة لنداء جنيني يندغم في اللحن الطبيعي المؤطر للمشهد ، فيزداد أسرا وجاذبية .
لكنه غير مقتنع بمزاعمها ..لقد رمت الكتاب بشكل لا يدع مجالا للشك ..كانت مفزوعة، كأن تجسيدا ما للموت ، مروعا بشكل لا يطاق يمد خراطيمه كي يشفط دمها ويسر لها في لؤم نادر : «أنت لي، تعالي » لكن الجسد الذي لم يشبع بعد من الحياة ، المختلج في حركة أخيرة ويائسة ، يفلت من موته مصدقا بالكاد ، ويفر لا يلوي على شئ .
-
إنه فظيع ، فظيع ..هكذا كنت تصرخين .
-
لأن كل الأسرار فظيعة ..نزعم في البداية أننا نقوى على حملها ، لكن أقفاصنا الصدرية الهشة لا تلبث أن تضيق بها فنعيش في انتظار لحظة ضعف ، لحظة واحدة ، قصيرة كاللمحة كي نفتح كوة للسر يفرد عبرها جناحيه الناريين ويومض في سماء الآخرين .
فأي سر ينطوي عليه الكتاب ؟
ولماذا يغويني ويرهبني ؟ هل أعيده ، هل أحتفظ به ،أقرأه ، أحرقه أم أهمله هناك على الرف مثل زيت حائلة منسية ؟
لا..لن أذهب إلى الحديقة ..
لأني لم أألف زيارتها يوم الأحد ..
ولأن المرأة لن تكون هناك بالتأكيد ..
ولأني لا أريد أن أخذل الكتاب بعد أن أعطيته الأمان كتاب لبلبلة الأعماق ، الدوخان ، وقلب دفة السفينة باتجاه أمواه أخرى أكثر احتداما وعنفا وسوء طوية ..لم ير منه سوى الغلاف حيث اسم المؤلف جورجيوس الأبيض، والعنوان ، ثم لا شئ ، ومع ذلك بدأ منذ البارحة يفقد عاداته ، تلك القشرة السميكة من السلوكات الأليفة ، سلوكات رتيبة دون شك ، ومنومة ، لكنها تمنح الإحساس بالحميمية والدفء والأمان ، ولذلك لا يريد أن يفقدها ..البارحة ..شرب
كثيرا على غير العادة وثرثر كثيرا ..أنصت إليه الآخرون في البداية ، باستغراب كبير ، ثم بوازع من ذلك التواطؤ الضمني بين السكارى ، الذي يجعلهم متعاطفين متآزرين ..يستسمحهم أحيانا « أريد أن أبول حاشاكم» ثم يعود ليستأنف الحديث...ليلة البارحة ، كان قطارا يابانيا سريعا لا يكل ، وتوزعت محطات الكلام بلا نهاية .
-
الخمر يساعدنا على سبر الداخل ، ومفتاح ذلك الصمت .
قال ذات مرة لسكير ثرثار ، ثم داخله العجب من كونه قادرا على التفوه بالحكمة ...لكنه تحدث البارحة دون توقف ..البارحة ، بعد إتيانه بالكتاب من الحديقة،
تحدث حتى لم يعد يقوى على الكلام..أسنده حمروش على كتفه وأقله تاكسيا باتجاه البيت .
وضع البراد الذي ما يزال به بعض شاي من الصبح على الفرن ، وأطل على الخارج بالنصف العلوي للجسد فيما بقي النصف الآخر حبيس المطبخ ..فكر في أن الحياة أكرة خيط هائلة وملفوفة بشكل ملغز ، وأنه الآن نصفان واحد في النور والآخر حبيس الظلمة وليس بينهما سلم ..الحياة هكذا ، قوامها جملة من الثنائيات : الطرف الأول للخيط ، ثم الطرف الثاني وبينهما تشابك والتفاف وضغائن وتراشق بالحجارة وشوارع مفتوحة وأخرى مغلقة ..
هو الآن في مفترق الطرق ، إزاء اتجاهات متشعبة وأزمنة ومصائر ، وفي الرأس غيم ...حبل للموت وآخر للنجاة ، وحبال أخرى خادعة وسرابية للتضليل ، وهو ما يزال صغيرا وأبوه ينهاه عن الفحش ، وما هو الفحش يا أبي ؟ هو كل ما يتنافى مع الذوق..وما هو الذوق يا أبي ؟ هو كل ما يعتبر أخلاقا فاضلة. وما هي الأخلاق الفاضلة يا أبي؟ هي كل ما يتفق مع تعاليم السماء .وأين هي السماء يا أبي ؟ هي في القلب أيها الغبي .
وهو يطل الآن من النافذة ، وفوقه سماء زرقاء وشمس مشرقة ..بالخارج أطفال يلعبون وسيارة تزمر كي يتنحوا عن الطريق ، رجل وابنته يغذان السير ، ومن النافذة المقابلة يبدو وجه امرأة ثم يغيب ..يلعب الأطفال غير آبهين ، تصيب الكرة وجه البنت ، يسب الرجل الأطفال ويهتم بابنته ، يسبهم سائق السيارة ، ثم يشق طريقه ويمضي ..يسب الأطفال الرجلين منهنهين بالضحك ، يسبونهما بأقذع السباب وأفحشه ..كيف تتحمل ألسنة الأطفال كل ذلك الفحش ؟ لم يعد أحد بريئا.
أزال البراد من على الفرن ، صب كأسا وتوجه نحو الغرفة ، فيما بقي البخار ينسج تشكيلاته الحلزونية ويتفسخ في صمت ..ألقى نظرة باتجاه الرف حيث الكتاب يستمرئ غفوته المؤقتة ريثما تمتد يد جديدة إلى بيضاته تنكشها وتتحسس حجم الفراخ ..هل يعرف الكتاب أنه لا يدفع إلى الحياة إلا ليلعب دور المشبوه الأبدي ، كل قارئ يستحيل إلى قاضي تحقيق يعريه ويبحث في تجاويف الجسد عن دليل إدانة تشرع صلبه في طريق عام .
فهل أتيت بهذا الكتاب لأصلبه ؟ لأصبح آكلا آخر للجيف ؟ أم أتيت به ليصلبني ، هذا الكتاب الذي لا يشبه الكتب ؟
لم يقرأ منذ زمن بعيد ..منذ أيام الدراسة ، الفصل ، الأساتذة ، التلاميذ والتهيئ للبكالوريا..المقررات الطويلة المكشرة مثل حقول ملغمة وشبح الإمتحان
...
دبابيس غامضة تنتقل بين اللحم والعظم ، في العيون والمسام ..كم مضى من الوقت: سبع سنين ، عشر؟ جمع كل الأوراق والكتب ، نثر عليها مسحوق حلمه القديم بأن يكد في مفازات الدراسة حتى الواحة الأخيرة ..وضع الكل في علبة كارتون وصاح : من يخلصني من هذه الجثة قبل أن تفوح رائحتها ؟
وها هو الآن في قبضة كتاب ليس كالكتب ، اقتحم القلعة واستكان إلى الرف تحت قناع قط صغير مدلل ، الكتاب الذي روع المرأة واضطر عفاريتها إلى إعلان حالة طوارئ قصوى ..« علي أن أحب هذا الكتاب المجنون بقدر ما أكره الكتب العاقلة » همس لنفسه وأتى به إلى البيت دون أن يفطن إلى الإختلاجة التي اعتورته حينها .
-
أنتم مجرد شرذمة من المحبطين يغرقون ذواتهم في الخمر تهربا من تحمل مسؤولياتهم .
قال البارحة للآخرين بعد أن أرغى في مواضيع مختلفة ..دنا منه حمروش الذي عهده وديعا مسالما ، لكنه ثار في وجهه :
-
دعني يا حمروش ، أريد أن أسبهم الليلة ، أن أبول عليهم ليعودوا إلى زوجاتهم منتنين كالمراحيض.
-
كلا ، تعقل يا شارلي .
لكنه لم يكن يريد أن يتعقل ، كان يحس كما لو أن خلاياه أوراش للحركة التي لا تفتر ، للهدم والبناء واحتدامات مروعة ، وود أن يصرخ ، أن يهب واقفا مثل إعصار تخلق للتو من دعابة بلهاء ، يكسر الطاولات حواليه ، يهشم الأنوف ، حين تلقى أنفه لكمة أتت من لا مكان ورصعت الفضاء بنجيمات ملونة ، قبل أن يلفه الظلام بغتة ، قبل أن يسقط .
تناول الكتاب من الرف ، فأحس بقبيلة نمل رحل تبني خيامها على سواحل الأوردة ، قلب الصفحات بأصبع حذرة : " الدركات الأبنوسية للنزول إلى بئر الشيطان" لمؤلفه: جورجيوس الأبيض.. ترى أية ألغام بثثتها أيها الأبيض بين الأوراق لتنفجر بذلك الشكل في وجه امرأة الحديقة ؟ قبيلة النمل أتمت بناء الخيام وشرعت في إعداد الشاي ، في الدم حرقة واصطخاب ، في الدم ملح وكبريت وتباشير القيامة .
لا.. لن أرد الكتاب إلى أحد ، لن أفرط فيه ، ستكون ضيفي وأكون ضيفك ..أرى نافذة الشقة المقابلة تنفرج ، دعني ألق نظرة على جميلة و أعود ..لن أفرط فيك.

رواية ماء الأعماق

lundi 13 juin 2016

                             جاذبية ابن رشد




نحن الآن في 16 أبريل 2014، أطل من شرفة بالطابق الثاني في نزل ابن رشد بأصيلة.. أشرف على حديقة عمومية، فبنايات تعلو بين الأشجار، فالبحر الهاجع عند قدم المدينة مثل أي حيوان صغير لم يشبّ عن الطوق.
إن بعض الوقائع المرتبطة بحياتي الشخصية هي بمثابة أساطير صغيرة تكتنفها الظلال، بحيث لم أعد أوقن تماما من أنها حدثت بالفعل، أو أنها اختلقت من قبلي أو قبل أحد أفراد الأسرة للتغطية على عجز ما، أو خلق إثارة مفترضة. ولعل ما سأتحدث به الآن، عن هذا اليوم الربيعي البارد، لن يخرج عن السياق المذكور.
- هل من غرفة؟
سألت مستخدم الاستقبال، فأجاب بنبرة حياد تشي بألا شيء بات يعنيه في هذا العالم:
- الغرفة رقم 5، الطابق الثاني، هي الوحيدة التي ما زالت فارغة.
لاحظ بأني أنتظر أن يسلمني المفتاح، فأردف:
- إنها مفتوحة.
بدت الغرفة في غاية النظافة والأناقة: صالون مؤثث بمجموعة أرائك، وطاولات زجاجية، واحدة كبرى تحتل الوسط، وأخريان أصغر، تركنان إلى جانبي الأرائك.. فوق إحداهما جهاز تحكم عن بعد، وعلى الحائط المقابل جهاز تلفزة بلازما، وضع تحته على طاولة خشبية صغيرة جهاز التقاط للبث الفضائي.
على يمين الصالون مطبخ صغير مجهز بلوازم الطبخ وثلاجة صغيرة، يحاذيه حمام. وأماما، الشرفة المفتوحة على المدينة والبحر، ومن نافذة جانبية، على غرفة النوم حيث يضطجع سريران فرديان وضعت بينهما طاولة خشبية بلون غامق وسجاد، بينما يحتل نصف الجدار دولاب به مشاجب وأغطية إضافية.
أخبرت مستخدم الاستقبال بأني سآخذ الغرفة، فطلب مني البطاقة، وانشغل بالنقر على ملامس هاتفه الذكي.
كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد الزوال. وبدا بهو الفندق ساكنا وخاليا من الحركة وأوجه الزبائن، لولا امرأة بملامح قوقازية، منهمكة في مقارعة حاسوب محمول. هيئ لي أنها منهمكة في عالمها الافتراضي حدّ نسيان واقع أنها في بهو فندق بمدينة مغربية صغيرة على الأطلسي.. لكني ما إن هممت بالتحرك حتى بادرتني بعربية مكسورة:
- أخبرني يا سيد.. هل تنوي الخروج الآن؟
- أجل
- طيب.. إذا قابلته بلغه سلامي..من ؟
- من غيره؟ ابن رشد.

*****************

تناولت الغذاء، وتمشيت قليلا في الأزقة الضيقة بين جدارن بيضاء موشاة بالرسوم والزرقة، إلى أن بلغت باب البحر.. هناك صادفت طفلا في حوالي الثانية عشرة من العمر.. كان يحدق في الأفق الواسع أمامه، وما إن أحس بمقدمي حتى التفت إلي بنظرات شديدة الغور، وقال:
- أيها المحترم، ماذا تعرف عن الروح، أخالدة هي أم فانية؟
في سياق آخر، كان من شأن أي سؤال مماثل صادر عن طفل، أن يمر خفيفا كدعابة، لكني، وبشيئ غير قليل من الاستغراب، وجدتني أرد عليه بجدية بالغة:
- مرحبا أيها العلامة ابن رشد.. ما دمت لقيتك في هذا المقام، فمؤكد أن الروح خالدة.
هل كان لي أن أقول ذلك لطفل في الثانية عشرة حسبته ابن رشد؟
ستقول لي المرأة قوقازية الملامح، بعد أن ترفع يديها عن الحاسوب إنه أثر الفندق على الزبائن، وأنها بدورها ما تزال تحت أسر جاذبية ابن رشد، منذ نزلت بالفندق قبل عشرة أيام. فهي لا تستطيع أن تفارق الحاسوب (الذي يفيدها في البحث عن ابن رشد) إلا للتحدث عنه (عن ابن رشد طبعا) لمن يهمه الأمر. ثم أضافت وهي ترنو إلي بعينين خضراوين إنها بمثابة جرم ضئيل في دائرة جاذبية جرم أكبر.. (هل كانت تقصد ابن رشد أو تقصدني؟) هممت بأن أقول لها إني مجرد عابر سبيل لا يعرف ابن رشد إلا بالإسم، دلف أول فندق يصادفه ليقضي ليلة واحدة ، ويواصل رحلته إلى الجنوب..
- إلى مراكش بالطبع
- لماذا مراكش تحديدا؟
- حيث ابن رشد، وأبو يوسف يعقوب، و..
كانت تنطق بذلك، فيما هي تدنو مني، بالعينين الخضراوين الواسعتين والبسمة المتوهجة، والكف التي مدت إلى كتفي تحط عليه كطائر للرغبة.
ما أذكره بعد ذلك أني صعدت الأدراج إلى الطابق الثاني والغرفة رقم 5، وبي حاجة إلى الاستناد على كتف، أو الارتماء على أول سرير تصادفه قدماي..
فهل كنت نائما حين رأيت ما رأيت؟
كأن غيمة سقطت في الغرفة قبل أن تنضو ثيابها.. سقطت كملحفة من قطن، بيضاء ومصمتة.. غامت معها الأرائك والتلفزيون والثلاجة والطاولات الزجاجية والجدران ولوازم الطبخ وسخان الحمام...
الغيمة فقط
والبياض الذي يخفي الوجوه والنوايا والأحلام.. البياض الذي يحضنك بحرارة ويشعرك بالامتلاء: كنت ممتلئا بالمعرفة، وموقنا بأن الغيمة هي نفسها ابن رشد، يود أن يبث إلى العالم رسالة أخيرة قبل حلول المحرقة.
*************
نحن الآن في 16 أبريل 2014، أطل من شرفة بالطابق الثاني في نزل ابن رشد بأصيلة.. أشرف على حديقة عمومية، فبنايات تعلو بين الأشجار، فالبحر الهاجع عند قدم المدينة مثل أي حيوان صغير لم يشبّ عن الطوق.
كنت أفكر في أني شخص على العتبة، سيلج بابا لم يألفه. زمجر البحر لحظة وصمت، وفي الحديقة، تحت، لمحت جسدين يتهاديان برفق: كانت المرأة قوقازية الملامح تطوق طفل باب البحر بذراع حانية، وإذ صارا تحت الشرفة مباشرة، رفعت رأسها نحوي، وقالت بصوت مسموع:
- فأية باب اختار العرب، هم الذين بحاجة دائمة إلى من يحرضهم على النوم؟
************
سأعرف حين أفقت كلية من دوخة المعرفة أن جاذبية ابن رشد لم تكن بالنسبة للمرأة وطفل باب البحر غير وسيلة أنيقة للنصب.
كيف تم الأمر؟
وما الذي حدث ذلك اليوم بالتحديد؟
الشيئ الوحيد المؤكد أنني تعرضت للسرقة، وأن جيوبي المفرغة لم تكن تحتوي سوى قصاصة ورق بيضاء صغيرة مكتوبا عليها جملة واحدة مصوغة على شكل استفهام استنكاري:
كيف لشعوب يسكنها الغزالي أن تعرف ابن رشد؟