jeudi 5 novembre 2015

حاوره: عبد الهادي روضي

توطئة:يعد القاص حسن البقالي من الأصوات السردية العربية التي آمنت بالقصة القصيرة مسكنا، لذلك كان بديهبا أن يغوص في مياهها المنفتحة على التجريب منذ ثمانينيات القرن المنقضي، مراكما، بإصرار مقاوم لا يعرف معنى للهدنة، منجزا قصصيا منفتحا على ما هو آت. دروب التقته وعلى ضوء اللقاء أجرت الحوار التالي:
هناك وعي قائم وتصور قبلي لطبيعة ما أكتبه وعلاقته بالقارئ المفترض
فعل الكتابة فعل فردي, يتم كالخطيئة تحت جنح الظلام
1/ القصة القصيرة جدا تجربة جديدة منفلتة وذات بعد تجريبي. كيف تنظرإلى هذه التجربة؟
أرى أنها تجربة قصيرة جدا, ولو أن لها أصولا في الثقافة العربية تتمثل في بعض أشكال الخبر والحكاية.وهي مرآة أخرى لنمط الحياة المعيشة المؤثثة بثقافة الكلينكس والفيديو كليب والإس إم إس والشريط الفيلمي القصير جدا والقطار السريع والفاست فود..هي المعادل الفني لنزواتنا العابرة , ترسل كزفرة بعد أن تكون قد سقت أعراش الذات بالنضارة..وهنا أود أن أشير الى تحفظي (الذي لا يعني الكثير في آخر المطاف) على تسميتها ب”القصة الومضة” فالإيماض مؤشر على الإنطفاء الحثيث, بينما العمل الفني سواء كان قصيدة هايكو أو رواية, هو نقيض الإنطفاء..
2/ ما هي الإضافات التي يمكن أن تضيفها القصة القصيرة جدا إلى منجز القصة العربية والعالمية؟
بين استسهال البعض واستنكاف البعض الآخر عن دخول التجربة, تبقى القصة القصيرة جدا إضافة للحقل الأدبي وأصابع الكف الأجناسية .ربما تبدو الآن مثل أصبع سادسة تسافر في النسغ بشكل محتشم, لكنها قادمة بقوة كي تهمس للقصة القصيرة: “كما تدين تدان”.
3/ يهيمن الملمح الواقعي/ السخري على نصوصك القصصية. من أين يستمد هذا الملمح مرجعيته؟
كل فن يستمد مرجعيته الأولى من سحر الطفولة والذاكرة الموغلة في البدائية..هناك أحداث لصيقة بطفولتي في تلك القرية التابعة لمدينة المولى إدريس زرهون تختلط عليّ واقعيتها بشئ من سحر الأسطورة..منها أني كنت أركض في جنباتها يوما فرفعتني الريح مسافة أمتار عدة قبل أن تطوح بي على الأرض.فوفق هذه الذكرى الغائمة, أكون ربيبا لإله الريح الذي بدل جنسيته الإغريقية .ينضاف الى ذلك حكي أمي عن “أسطورتها” الشخصية ومجموعة لا تنضب من الحكايات الشعبية , ستعزز فيما بعد بحكايات ألف ليلة وليلة ومجزوءات من الشاهنامة , وبأضمومة نوعية من الأعمال الإبداعية التي تستل قصب الفن من الأرض وتلونه بسكّر السحر. قصص وروايات أمثال سليم بركات أحمد بوزفور جورج امادو خورخي لويس بورخيس غابرييل غارثيا ماركيث فيرجيل تاناس وآخرين..
4/ هل القصة معنية بالضرورة بترصد الواقع وصراعاته؟
القصة لحظة تطرز على منديل يرسل في الريح .قد تحاكي موقفا لتمزق داخلي أو مشاحنة عابرة أو حدث واقعي (هناك من يلح على التنبيه ضمن عتبة للنص الى أن ما يحكيه حدث بالفعل, وهي إشارة أراها نافلة تماما وغير ذات جدوى) لكنها حتما ليست كالرواية حقلا للصراع وترصد الواقع.
5/ أثيرت جدلية العلاقة بين الكاتب ـ المبدع والقارئ منذ أزمنة.. وأنت تنكتب هل تضع افتراضات قرائك الممكنة واللا ممكنة؟
هناك وعي قائم وتصور قبلي لطبيعة ما أكتبه وعلاقته بالقارئ المفترض, لكن في زمن الكتابة , لا يحدث أبدا أن أذكر ذلك..في زمن الكتابة يبقى الكاتب والصفحة وما أدخره من أحلام.
6/ التجربة القصصية المغربية التسعينية. هل هي امتداد للتجربتين القصصيتين المشرقية والعالمية أم انفصال عنهما؟
ليس هنك انفصال.. لا عن الإمتداد الجغرافي ولا عن التاريخ العمودي للأدب.كل تجربة هي نظير كرة الاسكواتش, ترتطم بالجدار ثم تعانق الأرض كي تقفز من جديد..
7/ منذ التسعينيات برز ما يشبه ثورة قصصية مست الشكل والمضمون. إلى أي حد يمكن المراهنة على هذه الثورة؟ وهل هي ثورة تستند على مرجعيات أم أنها لا تعد مجرد تقليعات أهوائية؟
طيب لماذا تسمي هذا ثورة؟ هذا يفترض بأن المياه كانت راكدة قبل ذلك.وبحلول التسعينيات وقعت الإنتفاضة؟ أين الحجارة إذن؟ نظرة تحتوي على عسف مّا يطال التجارب السابقة . أين موقع تجربة الثمانينيات التي لا يتحدث عنها أحد ؟ أنا كاتب ثمانيني ,كتبت في التسعينيات وأكتب الآن, دون أن ألحظ قطيعة ما.. أعتقد بأن التوصيف الأنسب هو أن هناك فورة قصصية , من تجلياتها اتساع دائرة المنتسبين لهذا الجنس, وبروز القصة القصيرة جدا كتجربة موازية , مع وعي متزايد بالذات الكاتبة وأدوات الاشتغال وتجريب آفاق جديدة..لكن أكيد أن كل كتابة جادة هي بحث متواصل عن التجاوز,
وأن ذلك لم يبدأ مع كتاب التسعينيات..
8/من ملامح هذه الثورة بروز أصوات قصصية نسائية مائزة. كيف تقرأ تجربة الكتابة النسائية مغربيا وعربيا؟
لا يخفى الآن على أحد أن التفوق الدراسي صار من نصيب الفتاة ..من الطبيعي إذن أن يستجيب حقل الأدب لهذا التفوق,وتبرز أصوات نسائية عربية متعددة , لا تخشى اقتحام الأبواب التي ظلت حتى الآن موصدة دونها, ولا تشعر بأية عقدة نقص إزاء الكتابات الذكورية.
9/ما هي القيمة المضافة لهذه التجربة ” تجربة الكتابة القصصية النسائية”؟
لم تعد المرأة مجرد شخصية سردية تحكى/ تحاك من قبل الكاتب الرجل.. لقد انطلقت شهرزاد من عقالها بدافع الحكي لا دافع الرهبة..حكي يلامس مناطق ظلت إلى الآن معتمة. هناك تفاصيل لا تقدر على الإحساس بها غير المرأة..
10/ هل يمكن الحديث عن أسماء قصصية نسائية مميزة؟
أكيد بأن التميز في الإبداع لم يعد سمة لصيقة بالرجل أو هبة ممنوحة لامرأة استثنائية (استثنائية لمجرد حضورها) هناك حضور لافت ومميز للكتابة النسائية يبز حضور الرجل..أسماء كثيرة لا داعي لتعدادها..يكفي أن أشير الى اسم اكتشفته مؤخرا: كاتبة جنوبية من تارودانت اسمها عائشة بورجيلة..
11/ العالم الافتراضي ـ الانترنيت ـ فك سلطة عدة منابر كانت تنصب نفسها وصية على الثقافة والإبداع في الوطن العربي. هل يمكن أن يكون هذا العالم بديلا عن الكتاب؟
سأعيد اليك سؤالك: العالم الافتراضي ـ الانترنيت ـ فك سلطة عدة منابر كانت تنصب نفسها وصية على الثقافة والإبداع في الوطن العربي. هل يمكن أن يكون هذا العالم بديلا عن الكتاب؟
12/ برزت في المشهد القصصي المغربي منذ التسعينيات مجموعة من التجمعات في شكل نواد ومجموعات تعنى بالقصة. هل هذه التجمعات عامل إخصاب للتجربة القصصية المغربية؟
فعل الكتابة فعل فردي, يتم كالخطيئة تحت جنح الظلام , لكنه كالخطيئة الأصلية لا بد أن يعقبه هبوط: هبوط الى أرض القارئ والجماعات السيكولوجية الداعمة معنويا للكاتب من محيط ونوادِ و ملتقيات وزملاء يشتركون في خبز النظرية والتصور..كل ذلك يسهم بالتأكيد في إخصاب التجربة , مثلما يؤدي الإهمال في الطرف النقيض الى قتلها.
13/ كيف ترى التجربة القصصية في العالم العربي محيطه وخليجه؟
أراها كالكون في اتساع دائم ساهم في إنزال العواصم التقليدية للثقافة العربية من عروشها, بعد الحضورالمغاربي اللافت في هذا الجنس, الملاحظ أن الخليج بدأ ينثر على الساحة حبره الجميل.
14/ هل يمكن برأيك أن تكون الألفية القادمة ألفية القصة القصيرة؟
مع الوتيرة المتسارعة للتطور , من يستطيع التنبؤ بما سيحدث بعد مائة عام؟
17/؟ باختصار ماذا توحي لك الأسماء والعناوين التالية:
●حسن البقالي: عنوان بارز لثقافة الإغتيال الرمزي للكتّاب
●محمد زفزاف: جبل يتعذر الإلتفاف عليه.
الدارالبيضاء: امراة خمرية لابسة سبنية, لكن شكون بيّضها؟؟
●القصة: منديل مطرز على غصن
●الطفولة: هواء الفجر قبل أن يلوث بعوادم السيارات.
●ناس الغيوان: نغمة شجية وخروج عن الجاهزية..
●الموت: لا تحدثني عنه/ها, رجاء


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire