قراءة كالغليان
وقد اعتكف شارلي الليلة على قراءة الكتاب.. هوى إلى بئر الشيطان عبر دركاته الأبنوسية دركة دركة ، وكان عقله يومض ومضات خاطفة مثل مصباح على وشك الإحتراق، ودمه يصطخب بين الأضلاع مثل أمواج حائرة بين المد والجزر وحانقة ..يتريث أحيانا لينصت إلى احتدامات طين يطفح بأنفاس الخلق الأول ووشوشة إغواء على فراش النوم تسفر عن حروب ضارية وبساتين للدم وقرع طبول وبذور خديعة ..يود أن يقذف بالكتاب بعيدا وينأى عن فظاعاته ، ويود أن يركنه جهة القلب عهدا لا ينقض ..يفور دمه كالقدر ويسيح باتجاه قارات سرية وممنوعة .
ربما لأنه لم يحب الكتب أبدا ، يعاقب الآن بهذا الكتاب الجميل حد الفظاعة ، الفظيع إلى الحدود القصوى ، يحترق بجمره ونتن الجيفة الذي ينز من معنى الكلمات ...يقضمه نسيرة نسيرة ، ويعوي مثل ذئب ..في الأحشاء جمر ودخان احتراق وعوالم مضاءة بشحوم خنازير برية .. كتاب للفتك .. كتاب / أسد لن تحتويه أقفاص المكتبات ، يثب من أحراش الذات المرسلة ملفعا بالأشرطة الحمراء ولهاث الغابات ، باتجاه المناطق المعتمة حيث الغرائز الأولية
الخام للذات الأخرى المنتقاة للعب دور التلقي .
« من انتقاني ، أنا أحمد بن سيدي محمد بلفقيه الملقب بشارلي لقراءة هذا الكتاب، كتاب جورجيوس الأبيض الملقب بابن الشيطان والنزول عبر دركاته إلى جحيم الروح ؟».
شربه حتى الثمالة ، في ليلته البيضاء تلك ، وعوى مثل ذئب البراري ، فقد عرف ذلك السر الذي لا مبدأ له ولا منتهى ، الذي هو الجوهر الأول لكائنات الأرض .
تبين طريقه وعليه أن يتعلم المشي.
رواية ماء الاعماق
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire