مدخل: عن الفيلا و الجارسونيير
هل يمكن ان نسخر القصة القصيرة لخدمة الرواية ؟
هذا هو السؤال الذي وجه هذا العمل منذ البداية عن وعي و قصدية مبيتين. وبقدر ما بدا مجازفة و رهانا عسير التحقيق، بقدر ما كان يحث على الاصرار و المضي قدمـا في تذليـل الصعاب التي صارت مضـاعفـة.
ان الامر هذا ليس مجرد استفادة جنس ادبي من جنس آخر، اعتمادا على مبدا تداخـل الفنون و الاجناس الابداعية. كما أنه ليس استعـادة لآليات الاشتغال التي عزفت عليها بعض الحكايات( الف ليلة و ليلة، كلبلة و دمنة، حمايات الببغاء، الوزراء السبعة..) او الاعمال التي عرفتها بدايات الفن الروائي كجنس ادبي ناشئ،لم يقطع حبل السرة الذي يصله بالحواديت لدى بانديللو،أو بوكاشيو في قصصه العشـر( الديكامرون ) حيث نجد مجموعـة قصص أو حكايات مشـدودة الى قصة/ اطـــار تضم نثارها و تجمع شتاتـــها.
لقد تم التفكير غالبا في طبيعة القصة القصيرة ارتكـازا على خلفية نظرية تجعــل من الرواية بؤرة للاشتغال.مما يجعـل القصة القصيرة كجنس اشكالي، دون أقدام راسخة أو مرجعيــات تنظيــرية هامـة، في مواجهة الروايـة كجنس مهيمـن ينشرظلاله الابوية. و اثيرت اسئلة عديدة بشأن الفرق بين الجنسين: هل هو فرق في العرض و الجوهر، في الشكل أو المحتوى، في اللغة و تقنيات الكتابة..؟ دون التمكن من تقديم أجوبة نهائية تشفي الغليل.
لنأخذ ذينك الشكلين المعروفين للسكن : الفيلا و الجارسونيير، جيث تنهض الفيلا ( الراواية ) ذات الغرف العديدة و الحديقة و الشرفة ، المأهولة بالاسرة كبيرة العدد و الضاجة بتداخل العلاقات و التفاعل بين الافراد، في مواجهة الجارسونيير ( القصة القصيرة ) ذات الغرفة الواحدة المغلقة على الذات المنفردة. و لنحاول طرح السؤال التالي ، كيف يمكن بناء الرواية باسمنت القصة القصيرة ؟ الفيلا بمجموعة جارسونييرات تحافظ على وحدة عالمها المصغرمع دمجها ببعضها في نفس الآن ، عبر كوى و نوافذ ينسجها البناء العام للرواية، هي مجموع العلاقات بين مكوناتها و الاحداث المتفاعلة في فضائها ؟ بمعنى آخر: كيف يمكن كتابة رواية تكون فصولها قصصا قصيرة ذات استقلالية فنية كاملة ، بحيث يبدو الاشتغال عليها كالسير على الحبلين و بتم الحصول في النهاية على عمل مزدوج و مركب ، يقرأ حسب تسلسله ووحدات بنائه كرواية، و يقرأ ثانية بوصفه مجموعة قصص يمكن البدء بأيها نشاء ؟
حسن البقالي : رواية " ماء الأعماق ".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire