
samedi 31 octobre 2015
اقصص رؤياك ()
بين الحضور والغياب يتأسس فعل الحكي..
ومن توق أزلي إلى الاكتمال تنسل خيوطه فتلتحم الجماعات وتضاعف الذوات وتصبح اللحظة الأخيرة لحظة مرجأة على الدوام.
كل حكي هو خطوة في الاتجاه المعاكس للموت
وفي نفس الوقت خطوة باتجاه لقاء ما..أو وعد بلقاء: أنا أكتب لأنني أعرف أنك هناك، تتربص بي وتتحين الفرصة كي تقرأني.
ولأنك هناك، علي أن ألبس حكايتي أجمل ما لدي..أقص ضفائرها، أقصقص زوائدها وأتقصى أنفاسها بشكل يضمن متابعتك لي وبقاءك إلى جانبي حتى النفس الأخير..
لأجل ذلك علي أن أنتقل من بساطة الحكي إلى صنعة القص..أنتقل من إنتاج الدلالة إلى كيفية إنتاجها..وأنقل الرهان من إشباع حاجة إلى خلق متعة.
إن قارئ القصة (والأدب عموما) لا يبحث عن معرفة العالم (لأن هناك حقولا معرفية وعلمية أخرى تتيح ذلك بشكل أفضل) لكنه يبحث عن حلم ما..لذة منشودة وامتداد لكينونته المعزولة والمطوقة بالسؤال ضمن مسارات الحيوات المعروضة أمامه بين دفتي كتاب (الدفتين اللتين ستأخذان الشكل الراهن المعروف بانتشار الأنترنيت والكتابة الرقمية).
والقصة تتيح ذلك بشكل أمثل..
لأنها لا تهتم بالعادي، والفائض عن الحاجة..هي تذهب رأسا إلى قلب الأشياء حيث تكتسي اللحظة القصصية أهمية كبرى استثنائية بالمقارنة مع الماقبل والمابعد..لحظة لقلب المصائر أيضا رأسا على عقب.
هكذا تبدو القصة في النهاية محطة لقاء بين عزلتين: عزلة الكاتب وعزلة القارئ..لقاء ينبغي أن تظلله المتعة.
مسيرة الإمتاع تبدأ حتما من البداية، حيث تستحيل كل كتابة إلى "كاماسوترا للغة" وقلب للعالم موضوع في كف القارئ ومتروك لنبضه.
فكيف يمكن التدليل على نبض قلب العالم بلغة باردة، محايدة..لغة صماء منقولة على وجه الإستعجال أو الضرورة من الطابق الأول للغة؟
ينبغي أن تكون لغة نابضة بالحياة..واشية بالافتتان..افتتان الكاتب بها، مغازلتها ومداورتها بحيث لا تبقى أية شعرة نشاز في تماوج الضفيرة.
لغة لا تستحيي من الاغتسال في منابع الشعر الدافقة قبل تمريغ جسدها الغض في باحة السرد.
أذكر دوما المقولة التالية:
"القصة كسباق الخيل أهم ما فيها البداية والنهاية"
صحيح أن كل كلمة في القصة، كل مكون أو مقطع سردي ينبغي أن يكون جديرا بالوجود، أي ضروريا لتنضيد البناء السردي وإنتاج الأثر..لكني أجدني ميالا بشكل خاص إلى النهايات الجميلة..النهايات الناجحة التي –بعيدا عن أي افتعال- تسبغ على كل ما سبق ظلا آخر، بترسيخ المعنى أو إحداث قلب مبرر لأفق الانتظار، أو بكل بساطة ختم القصة بما سيعتبره القارئ الختم الأمثل للنص المقروء.
النهايات الشبيهة بضربة المخلب الأخيرة.
كانت أمي حكاءة ممتازة..ولكثرة ما حكت لم تعد تقوى على مقاومة رغبة متزايدة في أن تصير هي نفسها موضوع حكاية..كثيرا ما قالت لي:
أنت تكتب القصة فلماذا لا تكتب قصتي؟
- فهل القصة مجرد سرد حياة؟ هل هي رصد للوقائع يحاكي الواقع؟
هل هي لسان أو عين أو قلب؟
أرثي أحيانا لكاتب يدعي أنه كاتب واقعي، لأن ذلك في أحسن الأحوال لا يعني شيئا..فكل كتابة قصصية، مهما بدت مغرقة في الحلمي والفانطاسي واللاواقع، هي كتابة واقعية بشكل ما تستمد شرعيتها من نسيجها الداخلي، لا غيره.وإذا كان المقصود بالواقعية "النزول" إلى قعر المجتمع ورصد أحوال المشردين والكادحين..فإننا لن نكون قد تخلصنا من سوء الفهم.
فكتابة القصة ليست رصدا لواقع
إنها انفتاح على جرح..
وتحريك له بشكل يجعل منها الجرح ذاته..لذلك فمصيرها أن تنزف أمام عيني القارئ حتى تفرغ من دمها..حتى النهاية.
والقصة بهذا المعنى هي المعادل الفني والجمالي لرحلة الإنسان القصيرة على الأرض.الإنسان ما إن يولد حتى يبدأ خطوته الأولى باتجاه الموت.والقصة ما إن تلفظ حافزها الأول حتى تتدحرج نحو نهايتها.فكلاهما القصة والإنسان رحلة باتجاه الغروب.
ويجدر بهذا الصدد أن نميز بين موقفين إزاء الموت تقفهما القصة بالنظر إلى المضمون أو الشكل.فهي كمضمون دفع للموت ورحلة في الاتجاه المعاكس، لكنها كشكل تدرج باتجاهه وارتماء في أحضانه.
من هنا ذاك الحضور المتواتر لموضوعة الموت في منجزي النصي حتى إنه يبدو كما لو أنه دفع للموت بالتأكيد عليه وترسيخ لحضوره..كأنه مداواة للداء بالذي هو الداء.
وبالمقابل –كوجه آخر للعملة- تقف الحياةعلى الطرف النقيض، ساخنة ولذيذة (حتى وهي ملأى بالمتاعب والشقاء الإنساني)..كفرخ دافئ يدافع بالصوصوة نقيضه المتوعد.وأقول "الطرف الآخر" تجاوزا لأن تيمتي القصة هاتين: الحياة/الموت هما في جوهر كل عمل إبداعي، تدفع إحداهما الأخرى، تغطيها أو تستدعيها وترافقها يدا في يد، بحيث يستحيل فعل الحب نفسه –كأجلى تمظهرات الحياة- إلى طقس تكفيني وخوض في تضاريس "جثة"..
"لقد كتبت كل القصص التي تحتملها الأرض واكتملت دورة الجنس"، لكن العطش إلى القصة لاينطفئ..ومع كل قصة جديدة، كل انفتاح جديد على الجرح، خفقان آخر لقلب العالم في وجه الموت.
فما الأفضل: الموت حكيا أو الموت بغياب الحكي؟
أيها القاص اقصص رؤياك ومت.
ومن توق أزلي إلى الاكتمال تنسل خيوطه فتلتحم الجماعات وتضاعف الذوات وتصبح اللحظة الأخيرة لحظة مرجأة على الدوام.
كل حكي هو خطوة في الاتجاه المعاكس للموت
وفي نفس الوقت خطوة باتجاه لقاء ما..أو وعد بلقاء: أنا أكتب لأنني أعرف أنك هناك، تتربص بي وتتحين الفرصة كي تقرأني.
ولأنك هناك، علي أن ألبس حكايتي أجمل ما لدي..أقص ضفائرها، أقصقص زوائدها وأتقصى أنفاسها بشكل يضمن متابعتك لي وبقاءك إلى جانبي حتى النفس الأخير..
لأجل ذلك علي أن أنتقل من بساطة الحكي إلى صنعة القص..أنتقل من إنتاج الدلالة إلى كيفية إنتاجها..وأنقل الرهان من إشباع حاجة إلى خلق متعة.
إن قارئ القصة (والأدب عموما) لا يبحث عن معرفة العالم (لأن هناك حقولا معرفية وعلمية أخرى تتيح ذلك بشكل أفضل) لكنه يبحث عن حلم ما..لذة منشودة وامتداد لكينونته المعزولة والمطوقة بالسؤال ضمن مسارات الحيوات المعروضة أمامه بين دفتي كتاب (الدفتين اللتين ستأخذان الشكل الراهن المعروف بانتشار الأنترنيت والكتابة الرقمية).
والقصة تتيح ذلك بشكل أمثل..
لأنها لا تهتم بالعادي، والفائض عن الحاجة..هي تذهب رأسا إلى قلب الأشياء حيث تكتسي اللحظة القصصية أهمية كبرى استثنائية بالمقارنة مع الماقبل والمابعد..لحظة لقلب المصائر أيضا رأسا على عقب.
هكذا تبدو القصة في النهاية محطة لقاء بين عزلتين: عزلة الكاتب وعزلة القارئ..لقاء ينبغي أن تظلله المتعة.
مسيرة الإمتاع تبدأ حتما من البداية، حيث تستحيل كل كتابة إلى "كاماسوترا للغة" وقلب للعالم موضوع في كف القارئ ومتروك لنبضه.
فكيف يمكن التدليل على نبض قلب العالم بلغة باردة، محايدة..لغة صماء منقولة على وجه الإستعجال أو الضرورة من الطابق الأول للغة؟
ينبغي أن تكون لغة نابضة بالحياة..واشية بالافتتان..افتتان الكاتب بها، مغازلتها ومداورتها بحيث لا تبقى أية شعرة نشاز في تماوج الضفيرة.
لغة لا تستحيي من الاغتسال في منابع الشعر الدافقة قبل تمريغ جسدها الغض في باحة السرد.
أذكر دوما المقولة التالية:
"القصة كسباق الخيل أهم ما فيها البداية والنهاية"
صحيح أن كل كلمة في القصة، كل مكون أو مقطع سردي ينبغي أن يكون جديرا بالوجود، أي ضروريا لتنضيد البناء السردي وإنتاج الأثر..لكني أجدني ميالا بشكل خاص إلى النهايات الجميلة..النهايات الناجحة التي –بعيدا عن أي افتعال- تسبغ على كل ما سبق ظلا آخر، بترسيخ المعنى أو إحداث قلب مبرر لأفق الانتظار، أو بكل بساطة ختم القصة بما سيعتبره القارئ الختم الأمثل للنص المقروء.
النهايات الشبيهة بضربة المخلب الأخيرة.
كانت أمي حكاءة ممتازة..ولكثرة ما حكت لم تعد تقوى على مقاومة رغبة متزايدة في أن تصير هي نفسها موضوع حكاية..كثيرا ما قالت لي:
أنت تكتب القصة فلماذا لا تكتب قصتي؟
- فهل القصة مجرد سرد حياة؟ هل هي رصد للوقائع يحاكي الواقع؟
هل هي لسان أو عين أو قلب؟
أرثي أحيانا لكاتب يدعي أنه كاتب واقعي، لأن ذلك في أحسن الأحوال لا يعني شيئا..فكل كتابة قصصية، مهما بدت مغرقة في الحلمي والفانطاسي واللاواقع، هي كتابة واقعية بشكل ما تستمد شرعيتها من نسيجها الداخلي، لا غيره.وإذا كان المقصود بالواقعية "النزول" إلى قعر المجتمع ورصد أحوال المشردين والكادحين..فإننا لن نكون قد تخلصنا من سوء الفهم.
فكتابة القصة ليست رصدا لواقع
إنها انفتاح على جرح..
وتحريك له بشكل يجعل منها الجرح ذاته..لذلك فمصيرها أن تنزف أمام عيني القارئ حتى تفرغ من دمها..حتى النهاية.
والقصة بهذا المعنى هي المعادل الفني والجمالي لرحلة الإنسان القصيرة على الأرض.الإنسان ما إن يولد حتى يبدأ خطوته الأولى باتجاه الموت.والقصة ما إن تلفظ حافزها الأول حتى تتدحرج نحو نهايتها.فكلاهما القصة والإنسان رحلة باتجاه الغروب.
ويجدر بهذا الصدد أن نميز بين موقفين إزاء الموت تقفهما القصة بالنظر إلى المضمون أو الشكل.فهي كمضمون دفع للموت ورحلة في الاتجاه المعاكس، لكنها كشكل تدرج باتجاهه وارتماء في أحضانه.
من هنا ذاك الحضور المتواتر لموضوعة الموت في منجزي النصي حتى إنه يبدو كما لو أنه دفع للموت بالتأكيد عليه وترسيخ لحضوره..كأنه مداواة للداء بالذي هو الداء.
وبالمقابل –كوجه آخر للعملة- تقف الحياةعلى الطرف النقيض، ساخنة ولذيذة (حتى وهي ملأى بالمتاعب والشقاء الإنساني)..كفرخ دافئ يدافع بالصوصوة نقيضه المتوعد.وأقول "الطرف الآخر" تجاوزا لأن تيمتي القصة هاتين: الحياة/الموت هما في جوهر كل عمل إبداعي، تدفع إحداهما الأخرى، تغطيها أو تستدعيها وترافقها يدا في يد، بحيث يستحيل فعل الحب نفسه –كأجلى تمظهرات الحياة- إلى طقس تكفيني وخوض في تضاريس "جثة"..
"لقد كتبت كل القصص التي تحتملها الأرض واكتملت دورة الجنس"، لكن العطش إلى القصة لاينطفئ..ومع كل قصة جديدة، كل انفتاح جديد على الجرح، خفقان آخر لقلب العالم في وجه الموت.
فما الأفضل: الموت حكيا أو الموت بغياب الحكي؟
أيها القاص اقصص رؤياك ومت.
() موضوع الشهادة التي شاركت بها في ملف “تكست” العراقية عن القصة العربية
..قليل من الشر ..هذا أول الطريق
الشر الذي يعي بأنه شر ويمضي قدما لا يبالي بشئ ..الشر المبيت ، الذي لا يخالطه شئ كالماء الزلال..الخطوة الأولى ، ثم تمتد الطريق أمامك فاتحة ذراعيها في نشوة عارمة ، معبدة ، آهلة ومشرعة على الآفاق
ابدأ بصفع ابنك حتى تبرق أمام عينيه نجوم في عز الظهر ، ولا تفه بكلمة أو تقدم تبريرا ..ليس لك ابن؟ ارم قمامتك على عتبة الجيران ولطخ جدرانهم بالبذاءات...أعط لأحد الأصحاب موعدا « في الساعة العاشرة تماما ، أوكي؟» ثم انس الموعد ودعه هناك ينتظر حتى تدمع عيناه ، ولا تقدم تبريرا لأحد .. الضعفاء وحدهم يحتاجون إلى تبرير .
"من رواية "ماء الأعماق
ولادة
حين أسقط آدم وحواء من الجنة، لم يقعا في نفس البقعة من الأرض.
فزع آدم لفكرة أن يفقد جنتين في نفس الآن، فهام على وجهه في البرية بحثا عن العشيرة. حتى إذا وجدها بعد دهر، بدا مهدودا مهلهلا وفي غاية الشوق.
لم يعلم أنها أكثر شوقا..
أنها هامت أيضا على وجهها بحثا عن العشير.. لكنها حين لمحت طيفه من بعيد، أصلحت من شأنها، وجلست في لامبالاة تخط على الرمل دوائر وخطوطا بلا معنى.
آنئذ
ولد المكر.
فزع آدم لفكرة أن يفقد جنتين في نفس الآن، فهام على وجهه في البرية بحثا عن العشيرة. حتى إذا وجدها بعد دهر، بدا مهدودا مهلهلا وفي غاية الشوق.
لم يعلم أنها أكثر شوقا..
أنها هامت أيضا على وجهها بحثا عن العشير.. لكنها حين لمحت طيفه من بعيد، أصلحت من شأنها، وجلست في لامبالاة تخط على الرمل دوائر وخطوطا بلا معنى.
آنئذ
ولد المكر.
أحمد شكر عن قط شرودنجر
في عموده الأسبوعي بجريدة الخبر، وتحت عنوان "رجع الصدى" كتب القاص والإنسان الخلوق أحمد شكر يوم أمس (الجمعة 23/05/2014) عن "قط شرودنجر": "قصص باذخة بملمح سردي يحفر عميقا في المنجز الفكري الكوني. هي نوتات سردية بإيقاع فرح، هناك احتفاء بالصورة السردية والحركة السينمائية والإيقاع الموسيقي، ويبقى حضور الحيوان لافتا خاصة القطط التي عقد معها حسن ميثاق وفاء استثنائي. قرأت هذه المجموعة بلذة ودهشة، كما عودنا حسن في سروده السابقة، هناك اهتمام بالجمل السردية مسنودة بالمعطى الفكري، فهو لا يكتب من فراغ، ولكن تستشعر كثافة المقروء والتجربة الغنية. حسن ينزوي لبعض الوقت مثل النساك ليدهشنا بجديده. هو هكذا يحس بمسؤوليته في الكتابة، وتشكل مجاميعه إضافة نوعية للمدونة القصصية العربية.
شكرا السي أحمد شكر على قراءة عاشقة بحق لقطي القصصي..
سمر حجازي avec Hassan Bekkali
قط شرودنجر للأديب المغربي حسن البقالي وأخيرا وصل فلسطين بسلامة..
شكرا لك الصديق الراقي حسن البقالي علی إرسال المجموعة.. حتما هي رائعة
كل عام وأنت والعائلة الكريمة بخير
شكرا لك الصديق الراقي حسن البقالي علی إرسال المجموعة.. حتما هي رائعة
كل عام وأنت والعائلة الكريمة بخير
شكرا صاحب " قط شرودنجر " المبدع الراقي حسن البقالي
لم تكن جلستي يوم الاربعاء 08 أبريل بمقهى طارق مع الأديب حسن البقالي لارتشاف فنجان قهوة بطعم مرارة مشهدنا الثقافي فقط بل كانت جلسة تتويج لعلاقة تواصلية نصية و معرفية وسيكولوجية طافحة بقلق السؤال والتأمل في المشهد الثقافي عموما والإبداع القصصي في مجال القصة القصيرة جدا خصوصا وما يتسم به من تجريبية على درب تحديد خصائص هذه الكتابة المركبة والعصية وإسهامات عشاقها في إغنائها من عيون التاريخ والأنثربولوجيا والفلسفة والسينما والشعر,,,مما يحتم التأني في إصدار أحكام قطعية بصدد هذا الجنس الادبي والحذر من التنظير المتسرع له إلى حد ، ورغم التجربة الطويلة للأديب حسن البقالي في هذا السرد القصير جدا وجدته لا يستكين للاطمئنان، معتبرا أن رغم كل كتاباته السابقة تظل مجموعته الأخيرة " قط شرودنجر " الوحيدة ربماالتي تقدم تصوره الفلسفي في القصة القصيرة جدا إبداعيا، وكم سعدت وانا اتلقى منه نسخة هدية غالية من أديب طيب ونبيل ومثقف واسع الثقافة ، شكرا لك صديقي حسن البقالي على متعة الحوار و النقاش في جلسة باذخة تمنيناها أطول
vendredi 30 octobre 2015
jeudi 29 octobre 2015
"احكي أو أقتلك"
هذه الوضعية المتوارثة عن ألف ليلة وليلة، تصبح في الفيلم الإسباني grand piano "اعزف جيدا أو أقتلك"، حيث لا مجال لأن يوقع عازف البيانو على نغمة نشاز، دون عقاب يطاله هو و/أو زوجته..
هل الفنان يشتغل بشكل أفضل تحت التهديد أو على الأقل تحت الضغط؟
وأليس القتل كفعل وحركة شبيها بفعل العزف؟ هل العزف ملاذ لعين المشاهد أو تكتم على الجريمة؟
وغير بعيد عن ذلك، ترى لو فرضنا شكلا للإتاوة على كل نص قصصي ردئ ينشر؟ وإتاوة مضاعفة على أي تعليق يسوغه؟ ألن يريح ذلك القارئ من الكثير من "الكلام" و"الفضفضة" الفارغة والأخبار، ويدعو إلى التريث والتأني؟
حوارالقاص محمد البغوري مع حسن البقالي
من هو حسن البقالي؟ -
شخص اعتقد لمد طويلة أن على الكاتب أن يتحلى بقيم الأنبياء، قبل أن تثلم اعتقاده الضربات المتتالية من كتاب يعتبرون القيم النبيلة ترفا أو بلادة.
متى بدأ "حسن البقالي"كتابة القصة القصيرة جدا؟ وهل من سياق متحكم في ذلك؟ -
في الواقع ابتدأ الجنوح إلى التقصير مع بدايات الألفية الثالثة. والمراد بالتقصير هنا هو تجويع القصة القصيرة وشطف أية دهون
يحتمل أن تتسرب إليها في زمن قصر جدا الشريط الزمني المخصص فيه للقراءة. هكذا كتبت سلسلة أقاصيص تحت نفس المسمى الأكبر: "كوابيس" نشرت في الملحق الثقافي لجريدة العلم، ثم ثلاثة قصص قصيرة يمكن إدراجها تحت يافطة القصيرة جدا بمنظور ذلك الوقت الذي اتسم بوعي جنيني بخاصيات هذا الجنس الجديد لدى البعض (المرحوم المهدي الودغيري كنموذج).
لكن الوعي بالحدود والمواصفات كمنطلق لكتابة القصة القصيرة جدا لم يتأت لي إلا حين عودتي إلى الكتابة بعد غياب دام سنوات.. عودة تزامنت مع الانفتاح على الرقمي والافتراضي، وعلى اشتعال الساحة بالنصوص القصيرة جدا، المتوالدة والمتدافعة. وأعتقد أن سنة 2007 دالة في هذا السياق
ماذا يمثل لكم الأستاذ الفاضل جنس القصة القصيرة جدا؟ -
قلت ذات مرة إنها أشبه بمنديل يرسل في الريح، ذلك ان القليل منها يصادف العين العاشقة التي تنفذ إلى ما تحت الجلد، تحت البنية السطحية حيث الماء والنسغ ودبيب الحياة في الفن.. إنها ذاك الجنس الجميل الجاذب المنفلت الذي لا يقول العالم إلا مؤتزرا بالشاعرية، كي لا يسقط في الخبرية والفجاجة.. هي فن المرور العابر والانخطاف واللحظة المارقة..
لقد جربتم الكتابة في جنسي:الرواية والقصة ،إلا أن ماغلب أكثرعليكم هو :جنس القصة القصيرة جدا،فهل من تفسير لذلك؟ -
كتبت حتى الآن أربع مجاميع قصصية وثلاث مجموعات قصيرة جدا ورواية واحدة.. فالقول بأن ما يغلب علي هو القصة القصيرة جدا ليس صحيحا ، إلا لدى كتاب الزمن الرقمي الذين لم يطلعوا بشكل تام على تاريخ الأدب المغربي ولا يهتمون أساسا إلا بالقصة القصيرة جدا.. ومن جانب آخر أجزم بأن القصة القصيرة جدا جنس استحواذي أقرب إلى جنيات البحر اللواتي يجذبن البحارة إليهن فلا يفلتنهم بعد ذلك..
إن القصة القصيرة جدا تستضمر المعاني والدلالا ت أكثرما تبوحبه،فما رأي القاص حسن البقالي؟ -
في الرواية تفصيل لمجموعة أحداث، وفي القصة القصيرة تفصيل لحدث واحد، بينما القصة القصيرة جدا تلامس الحدث بالكاد. فلا وقت لديها ولا حيز لأي تفصيل.. تمر سريعا فلا يبدو إلا أثرها كخيط أبيض على الصفحة أو بقايا رغوة في الفنجان أو طعم ما على الفم. هي توحي فقط وتومئ وتستضمر إيمانا منها بأن الجزء يعبر عن الكل، وأن الظل ينبئ عن الصورة. لكن، وهي تنحو هذا المنحى تحتاج إلى يد خبيرة ذربة كي تقيها من السقوط في المطبات العديدة التي تتهددها
إلى أية حدود تسعفنا القصة القصيرة جدا في إعطائنا أكبر الفرص للتعبير عن ما يخالجنا ويسكننا من الظواهر والأشياء؟
هل ترى أخي محمد الفسحة التي يتيح رؤيتها قطار يمر؟ تلك هي الحدود التي تسمح بها القصة القصيرة جدا.. نزهة سريعة في الظواهر والأشياء والدواخل.. سريعة وخاطفة كوجيب القلب.. سريعة وخاطفة ومؤثرة.
هل يمكن الحديث عن جمالية القصة القصيرة جدا ؟ -
لا جنس أدبي، ولا فن دون مواصفات جمالية. وجمالية القصة القصيرة جدا في قبضها على نبض العالم بأقل الكلمات.. في المدهش والمفارق واللامتوقع واللايقيني، وفي تدوير أنفاس اللغة جهة الشعر، جهة النقاء والصدق وشفافية الدمعة
ماذا عن حدود الواقعي والمتخيل في هذا النوع الأدبي؟ -
هي نفسها حدود الواقعي والمتخيل في الأجناس السردية الأخرى، حيث بإمكان النص أن يسكن في البرازخ ومناطق الالتقاء، ويسافر من الهنا إلى الهناك، الآن وغدا والبارحة.. المهم هو العثور على الخلطة المناسبة التي تجعل من الخميرة والبهارات المعتمدة تحفة للإمتاع..
هل يمكن العثور على عناصر السيرذاتية في القصة القصيرة جدا؟ -
كل نص أدبي هو نص سيرذاتي إلى حد ما، والقصة القصيرة جدا ليست بدعا في ذلك.. هناك كاتب مغربي أصدر مجموعة اعتمادا على عناصر سيرذاتية.. لكن السؤال: إلى أي مدى يمكن للسيرة الذاتية كضفيرة وإسمنت للبناء السردي والتخييل أن تسعف في تقديم نصوص جيدة؟ وهو سؤال المعنى المطروح على الطريق، الذي ليس سوى أول الأسئلة، والذي لا يحمل بالضرورة أي حكم قيمة بصدد المجموعة كما فهم ذلك صاحبها يوما..
نسألك الأستاذ عن التقنيات والأدوات التي تلتزم بها وانت بصدد كتابة نصوصك القصصية القصيرة جدا؟ -
لا يصح أن نتحدث عن الالتزام بأدوات أو تقنيات في الكتابة، ولو أن لكل كاتب أوتوماتيزمات معينة واعية ولاواعية تشده إلى شكل معين من المعمار وأسلوب البناء. وعموما فذاك إحدى المسؤوليات التي تقع على عاتق النقد أن يستجليها حين يبارح كسله ومزاجيته.
وعوض التقنيات والأدوات، يمكنني الحديث عن مبادئ أولية أرى تعذر قيام نص قصصي قصير جدا بدونها: اللغة السليمة التي لا يجد الكاتب عنتا في الوصول إلى رحابها، والتي تتمسح بأهداب الشعر دون السقوط في الشعرنة الضاربة لعنصر الحكائية (أو القصصية).. وضوح الرؤية بحيث لا نقدم للقارئ معميات وألغازا بدعوى إشراكه في إنتاج دلالات النص.. والانزياح عن المتوقع، فالكاتب الذي يحمل القارئ إلى نفس الأزقة والباحات والحدائق ينتهي به المطاف إلى إشعاره بالمل.
ما الإنطباعات والقراءات التي يتركها النقد وأسئلته على عقل ووجدان القاص والمبدع حسن البقالي؟ -
كتبت عن بؤس النقد. وأنا في النهاية أتحدث عن بؤس الأخلاق والقيم التي تجعل من النقد سببا من أسباب تردي الوضع الثقافي وانحطاطه. وبؤس نظري حيث غياب المرتكز الفلسفي والخلفية النظرية المؤطرة للاشتغال، بعيدا عن أية نظرة تجزيئية تغيب الأسئلة الملائمة وتحيل المقالات النقدية إلى بطاقات بريدية متبادلة..
أكيد أن لكل قاعدة استثناء، ووسط هذا الركام الأغبر إشراقات نقدية لنقاد وناقدات يتمتعون بالمصداقية الأخلاقية على الأقل، وينطلقون من معايير محددة وموضوعية في التعامل مع النص الأدبي..
ما الذي أضافته القصة القصيرة جدا للأدب المغربي المعاصر؟ -
أضافت حضورا مميزا على مستوى العالم العربي، وبالمقابل تلالا من النصوص في حاجة إلى غربلة حقيقية بعيدا عن أنواع المجاملات والإخوانيات.
بماذا تذكرك الأستاذ حسن البقالي العناوين التالية:"سبعة أجراس لزمن البرتقال"و"قتل قط"و"الرقص تحت المطر"و"مثل فيل يبدو عن بعد"؟
"سبعة أجراس لزمن البرتقال" بداية التكريس لاسم حسن البقالي ضمن كتاب القصة .
"قتل القط" استهتار وزارة الثقافة الذي جعل القط قططا فنشرت المجموعة بعنوان "قتل القطط"..
"الرقص تحت المطر" و"مثل فيل يبدو عن بعد" تمتين أواصر العلاقة بالقصة القصيرة جدا والعزف بشكل ما مع أو ضد الفرقة العازفة.
ماذا عن مستقبل القصة القصيرة جدا في المغرب؟ -
بالشكل الذي تكتب به حاليا، بالفورة التي لا تهدأ وبالسعي الحثيث إلى المزيد من تجويع النص حد إحالته إلى نص شبح وهيكل من عظام، وبمحبة التقريظ والنفور من أي انتقاد مهما كان بناء.. لا أرى لها مستقبلا مشرقا، ضدا على المتفائلين الذين يرون فيها جنس المستقبل.
ما الذي جناه الكاتب والمبدع حسن البقالي من فعلي الكتابة والأبداع؟ -
الكتابة تنقذ من الفراغ واللامعنى.. وغير ذلك هي في العالم العربي مجال للمزايدات والحزازات والكثير من الوهم، وحيث الكاتب أمير بدون شعب..
الأستاذ الكريم .صدرت لكم أخيرا مجموعة"قط شرودنجر"عن مطبعة بوغاز بمكناس،فهلا شرحت لنا بعض الظروف والسياقات التي تحيط بهذه المجموعة القصصية الجميلة والمبهجة؟
صدرت "قط شرودنجر" في سياق الفورة التي تعرفها القصة القصيرة جدا كتابة ونشرا، والتي وجدتني منجذبا إلى الانخراط فيها كتجربة أخرى ومجازفة.. هكذا تشكل "قط شرودنجر" الضلع الثالث ضمن ثلاثية القصة القصيرة جدا بعد "الرقص تحت المطر" و"مثل فيل يبدو عن بعد".. ولعله الضلع الأكثر استقامة بحيث حاولت ألا تتسرب إلى المجموعة النصوص الأقل إقناعا.. كما أن نشر المجموعة أتى بعد نشرها إلكترونيا لدى دار للنشر الإلكتروني بلندن.
ماذا عن مشاريع حسن البقالي المقبلة على مستوى الكتابة الإبداعية؟ -
المشروع الوحيد الذي لدي حاليا هو مشروع إقبار مجموعة قصصية عن الربيع العربي المقبور، لم ترق إلى ما أريده.
mercredi 28 octobre 2015
مدخل عن الفيلا و الجارسونيير
مدخل: عن الفيلا و الجارسونيير
هل يمكن ان نسخر القصة القصيرة لخدمة الرواية ؟
هذا هو السؤال الذي وجه هذا العمل منذ البداية عن وعي و قصدية مبيتين. وبقدر ما بدا مجازفة و رهانا عسير التحقيق، بقدر ما كان يحث على الاصرار و المضي قدمـا في تذليـل الصعاب التي صارت مضـاعفـة.
ان الامر هذا ليس مجرد استفادة جنس ادبي من جنس آخر، اعتمادا على مبدا تداخـل الفنون و الاجناس الابداعية. كما أنه ليس استعـادة لآليات الاشتغال التي عزفت عليها بعض الحكايات( الف ليلة و ليلة، كلبلة و دمنة، حمايات الببغاء، الوزراء السبعة..) او الاعمال التي عرفتها بدايات الفن الروائي كجنس ادبي ناشئ،لم يقطع حبل السرة الذي يصله بالحواديت لدى بانديللو،أو بوكاشيو في قصصه العشـر( الديكامرون ) حيث نجد مجموعـة قصص أو حكايات مشـدودة الى قصة/ اطـــار تضم نثارها و تجمع شتاتـــها.
لقد تم التفكير غالبا في طبيعة القصة القصيرة ارتكـازا على خلفية نظرية تجعــل من الرواية بؤرة للاشتغال.مما يجعـل القصة القصيرة كجنس اشكالي، دون أقدام راسخة أو مرجعيــات تنظيــرية هامـة، في مواجهة الروايـة كجنس مهيمـن ينشرظلاله الابوية. و اثيرت اسئلة عديدة بشأن الفرق بين الجنسين: هل هو فرق في العرض و الجوهر، في الشكل أو المحتوى، في اللغة و تقنيات الكتابة..؟ دون التمكن من تقديم أجوبة نهائية تشفي الغليل.
لنأخذ ذينك الشكلين المعروفين للسكن : الفيلا و الجارسونيير، جيث تنهض الفيلا ( الراواية ) ذات الغرف العديدة و الحديقة و الشرفة ، المأهولة بالاسرة كبيرة العدد و الضاجة بتداخل العلاقات و التفاعل بين الافراد، في مواجهة الجارسونيير ( القصة القصيرة ) ذات الغرفة الواحدة المغلقة على الذات المنفردة. و لنحاول طرح السؤال التالي ، كيف يمكن بناء الرواية باسمنت القصة القصيرة ؟ الفيلا بمجموعة جارسونييرات تحافظ على وحدة عالمها المصغرمع دمجها ببعضها في نفس الآن ، عبر كوى و نوافذ ينسجها البناء العام للرواية، هي مجموع العلاقات بين مكوناتها و الاحداث المتفاعلة في فضائها ؟ بمعنى آخر: كيف يمكن كتابة رواية تكون فصولها قصصا قصيرة ذات استقلالية فنية كاملة ، بحيث يبدو الاشتغال عليها كالسير على الحبلين و بتم الحصول في النهاية على عمل مزدوج و مركب ، يقرأ حسب تسلسله ووحدات بنائه كرواية، و يقرأ ثانية بوصفه مجموعة قصص يمكن البدء بأيها نشاء ؟
حسن البقالي : رواية " ماء الأعماق ".
Inscription à :
Articles (Atom)